من أحضان الخيل إلى صدارة التبوريدة.. شاب مغربي يروي حكاية عشق الفروسية
عبد الغني بن الطاهر
بقرية تغزوت (تعني التبوريدة) الواقع بجماعة أيت الساحل ضواحي تزنيت، ولد الشاب سليمان إدوبيهي ونشأ بين حوافر الخيل، حيث تنسجم نبضاتها مع الطبيعة.
يتذكر الشاب سليمان (25 سنة) كيف امتطى أول مرة حصان أبيه وهو سن العاشرة، أسقطه أرضا، بكى قليلا ثم عاود الكرة مرات حتى نجح في السير به خطوات غير يسيرة.
بعد ذلك صار ذلك الحصان الذي يذكره جيدا، ملاذه الآمن، يقضي معه ساعات طويلة يلعب معه، ويطعمه، ويمشط شعره اللامع.
مع مرور السنوات، تحول شغف سليمان بالخيول إلى مهارة فائقة، تعلم ركوبها، والتعامل معها، وسرعان ما أصبح فارسا ماهرا، وفي سن العشرين صار قائد سربة كلها من الشباب تسمى باسم قريته.
يشارك سليمان في فنون التبوريدة التي تقدم بمناسبة مهرجان “تيميزار” للفضة بتزنيت، وهو واحد من المواسم التي يسافر إليها، يجره إليه شغفه وحبه لهوايته، كما نال في مسابقات الفروسية التقليدية جوائز، جعلته يقرر أن يرتقي بتجربته إلى مستوى أعلى.
يبرز سليمان قائد سربة للتبوريدة، أن تلك الرياضة التقليدية تعكس شجاعة الفارس ومهارته، بل يتعدى وصفه كونها مجرد رياضة، الى وسمها بالفن النبيل الذي يعبر عن الهوية المغربية.
ويقول سليمان: “التبوريدة ليست مجرد سباق، إنها قصة عن الشجاعة، والوفاء، والفروسية، عندما أركب جوادي وأشارك في عرض التبوريدة، أشعر بأنني جزء من تاريخ بلدي.”
يحرص سليمان على اتباع جميع العادات، من أهمها قراءة الفاتحة، والدعاء بحفظ الجميع، عندما يسير سربته يلزمه الكثير من الحزم من أجل أن تخرج طلقات البارود فريدة ومنسجمة.
يقول إن سربته، تطلق أرضا، وآخرون في السماء، وذلك الاختلاف راجع الى عادات كل منطقة، وكل ناحية تشير الى مكان العدو.
يفضل سليمان ركوب الفرس بدل الحصان، لمميزاتها الكثيرة، مثل الصمت التام خلال الإغارة والصبر والجري السريع.
ورغم كل هذا الحب والشغف، يعترف سليمان بأن التبوريدة تحمل في طياتها الكثير من المخاطر. يقول: “الخيول كائنات حية، وقد تفقد السيطرة عليها في بعض الأحيان، كما أن حركات التبوريدة تتطلب قوة بدنية كبيرة وتركيزًا عالياً.”
ويضيف بأسف ” لا شيء يحمي الفارس، الكثير منا أصيب أو فقد أصبعه أو يده، وبقي عاجزا”، لذا يطلب من المسؤولين العناية بالفرسان وتوفير تأمين مناسب على المخاطر التي يجابهونها.
ويشير الى أنه يتحمل مصاريف الأكل والمأوى والتنقل لكل أفراد السربة وخيولهم، وبالرغم من كل ذلك، فإن شغفه بالفروسية يدفعه إلى الاستمرار.
يوجه سليمان رسالة إلى الشباب، داعيًا إياهم إلى ممارسة الرياضة والاهتمام بالخيول. ويختم “الخيول تعلمنا الصبر، والمسؤولية، والشجاعة، هي أصدقاء مخلصون، ويمكن أن تكون مصدرًا للسعادة والراحة النفسية”.