معاناة أطفال التوحد في المغرب….

عبد اللطيف شعباني
التو حد هو اضطراب عصبي يؤثر في النمو، ويحدث في مرحلة مبكرة من الطفولة، ويستمر طوال فترة الحياة. كما يؤثر في كيفية تصرف الشخص وتفاعله مع الآخرين ويؤثر أيضا في تواصله وتعلمه ، بحيث تظهر على الشخص سلوكيات تختلف عن باقي الآخرين.
كما يلاحظ عليه المبالغة في الانطواء على ذاته ، والميول نحو الانعزال عن العالم الخارجي، إلى جانب صعوبات في التواصل اللفظي والحركي.
مما يتوجب الانكباب على محاولة فهم هذا الاضطراب والانخراط في دورات تدريبية من أجل اكتساب تقنيات تدريب أطفال التوحد، وتنمية مهاراتهم إلى جانب استفادتهم من حصص العلاج، وهو ما يساعدهم على التكيف وسط محيطهم.
وتبدأ أعراض اضطراب طيف التوحد بالظهور بحسب المتخصصين في سنوات مبكرة، ومن بين أبرزها ميول الطفل نحو العزلة، وتتطور الأعراض لدى مرضى طيف التوحد على مستوى صعوبة التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين، إلى جانب التأخر في الكلام وتكرار سلوكيات نمطية.
ويبدو أن اكتشاف الإصابة باضطراب التوحد في سن مبكرة ، يعتبر عاملا مساعدا على استجابة الطفل المصاب للعلاج بشكل أفضل، ويساهم في تحسين قدراته وقابليته للاندماج في محيطه وداخل المجتمع.
و ينوجب أيضآ تحسيس الأمهات والآباء بهذا المرض، والتعريف بأعراضه داخل المجتمع بغية التفريق بينه وبين عدد من الاضطرابات المشابهة، لأن ذلك من شأنه مساعدة الأسر على اكتشاف الإضراب لدى أبنائهم في مراحل مبكرة.
كما يؤكد الأخصائيون النفسانيون ، على أن علاج الطفل التوحدي يستوجب عرضه على أخصائيين في مجالات شبه طبية متعددة من بينها اختصاصات تقويم النطق والعلاج السلوكي وعلم النفس الحركي والتربية الخاصة.
وينادي مختصون في مجال الإعاقة بضرورة إيلاء أهمية أكبر للأطفال المصابين بهذا النوع من الاضرابات السلوكية، عبر توفير برامج تأهيل وإنشاء مراكز خاصة كفيلة بتوفر كل الاحتياجات اللازمة لهذه الفئة.
واستنادا للمعيار الذي تعتمده منظمة الصحة العالمية والذي يفيد بإصابة طفل واحد من 100 طفل عبر العالم، تقول عفاف عفان عاجي رئيسة تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد بالمغرب، إن هناك حوالي 400 ألف شخص مصاب بالتوحد يوجدون في المغرب.
و أنه بالرغم من الأشواط الهامة التي قطعها المغرب من أجل التعريف باضطراب التوحد في المملكة ، فإن المصابين بهذا المرض لازالوا يعانون من تبعاته، في ظل النقص الكبير في الأخصائيين على المستوى الطبي وشبه الطبي.
وهناك عدد من الأسر تكابد في صمت بسبب ارتفاع تكاليف العلاج وعدم احترام منازلها لمعايير محددة لاحتضان الطفل التوحدي وحسن رعايته، إلى جانب تحديات مرتبطة باندماج الطفل في محيطه المدرسي وعدم ملائمة مناهج التعليم لتتماشى مع احتياجات هذه الفئة.
مما يستوجب توفير مرافق الحياة المدرسية للأطفال ذوي التوحد من أجل تخفيف العبء على كاهل الأسر ، التي لا تستطيع عدد منها تخصيص مرافق لأبنائها.
و في سنة 2019 أطلق المغرب برنامجا لتأهيل مهني للتكفل بالأشخاص المصابين بالتوحد، يهدف إلى توفير خبرات وطنية ذات كفاءة عالية في مجال التكفل بالأشخاص ذوي إعاقة التوحد، وتأهيل أطر المؤسسات الصحية والاجتماعية العاملة في هذا المجال.
كما يسعى البرنامج إلى جانب الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للأشخاص المصابين بالتوحد، إلى تمكين أفراد الأسر المعنية بإعاقة التوحد من الاستيعاب الجيد للبرامج العلاجية ومن أنجع الطرق للتعامل مع أبناءها في هذا المجال.
ويأتي هذا البرنامج لسد النقص الواضح الذي سجلته وزارة الأسرة والتضامن على مستوى الخدمات المقدمة لفائدة الأشخاص ذوي إعاقة التوحد، حيث أوصت بتأهيل وتجويد برامج التكفل والتأهيل، وبإدراج التكوين في مجال إعاقة التوحد ضمن أولويات السياسة العمومية في بلادنا .