المسجد ليس ملكية خاصة.. أن تحجز مكانك فيه حرام
مكتب سيدي قاسم // عبد الإله بلفقيه
في هذا الشهر الفضيل المبارك شهر القرآن الكريم و القيام في التراويح بمساجد و مصليات المملكة عموما و مدينة سيدي قاسم خصوصا تنتشر ظاهرة غريبة؛ حيث حجز الأماكن بالمسجد أو المصلى: هذه الظاهرة التي بدأت تنتشر في مساجدنا، خاصة تلك التي يؤمُّها مقرئون يتمتعون بالصوت العذب الشجي، تعبّر في وجه من وجوهها عن “عقلية” الاحتكار التي تسيطر على البعض الذين أدخلوها إلى المساجد على صورة الدين والتقرُّب إلى الله، وما هي من الدين، وليس فيها قربا من الله.
هذه الظاهرة التي اجتاحت مساجدنا في شهر التقوى، تنتشر بصفة كثيرة بين كبار السن الذين لا يعرفون حكم حجز الأماكن في المساجد بواسطة أغراض شخصية ليعودوا إلى بيوتهم وهم مطمئنون على الصف الأول، حيث أفتى كبار العلماء بحرمة هذا التصرُّف الذي قد يُبطل صلاة صاحبه حسب بعض الفقهاء الحنابلة، لأنه ليس من حقه أن يكون فيه وقد سبقه إليه أحد، ولأنه غصب المكان، وأنه لا يجوز أن يتحجر؛ لأنه يمنع غيره مما هو أحق به منه؛ ولأن ذلك يؤدي إلى أن يتراخى هو أيضاً في الحضور؛ لأنه إذا اطمأن أن مكانه في الصف الأول تهاون ولم يأت إلا متأخراً؛ ولأنه يترتب عليه -أحياناً- أن يؤذي المصلين بتخطي رقابهم إذا لم يكن للمسجد مدخل من الأمام كما أكد أغلب العلماء والدعاة.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يوطن الأماكن: ( ليس له مكان محدد، يجلس حيث ينتهي إليه المجلس) و هو رسول الله و نبي الأمة و سيد الخلق.
حيث إن بعضهم يستعين بسجادة أو غيرها لحجز مكانه، بينما يترك آخرون أيّ شيء يخصُّهم “لا يغري” لصوص المساجد، وذلك عقب صلاة العصر، ثم يعودون إلى بيوتهم ويتناولون وجبة الإفطار بكل راحة، ويعودون إلى المسجد في الوقت الذي يروق لهم، ليجدوا الصف الأول بانتظارهم حتى وإن كان المسجد ممتلئا عن آخره، وبعضهم يدخل في عراك مع الأشخاص الذين جلسوا مكانه ممّن جاءوا إلى المسجد قبله، ولا يهدأ له بال، إلا إذا استردّه ملوّحا بحقه الذي يملك عليه دليلا ماديا!؟.
فيما يقوم أشخاص آخرون بحجز الأماكن القريبة من النوافذ أو التي تقع مباشرة تحت المروحة أو التي خلفها جدار تمكّن صاحبها من الاتّكاء عليه.
كما تنتشر هذه الظاهرة بكثرة بين النساء اللّواتي ينشغلن عادة بعد الإفطار بغسل الأواني وترتيب البيت، لذلك يذهبن متأخّرات إلى المساجد، ما يحرمهن من الصفوف الأولى التي يعرفن فضل الصلاة فيها.
و في شهر الرحمة والغفران شهر رمضان المبارك نتمنى أن تزول مثل هذه الظواهر المشينة التي لا تمت لقيم إسلامنا الجميل بصلة من مساجدنا و من عقول الناس.