حوار مع الأديب الأمازيغي محمد أكوناض….
حاوره الأستاذ لحسن بازغ :
يعتبر الأديب محمد اكوناض المؤسس الحقيقي للرواية الأمازيغية، ومن الآباء الروحيين للحركة الأمازيغية بالمغرب، فقد حاز على مجموعة من الجوائز كجائزة الترجمة
التي يمنحها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2006 ، وجائزة عن عمله الإذاعي “توسنا تمازيغت” سنة 1998 ، وله عدة روايات من إبداعه ، و مجموعات قصصية للاطفال مترجمة من اللغة الروسية إلى الأمازيغية.
أستاذ أكوناض نرحب بكم في هذا اللقاء ، و نشكركم على قبول دعوتنا لإجراء هذا
الحوار معكم.
1 – نبدأ معك الأستاذ أكوناض من حدث التكريم الأخير الذي حظيتم به في الدار البيضاء من طرف جمعية تيويزي للإعلام و التنمية ، هل لكم أن تحدثونا عن شعوركم إزاء هذا التكريم؟
– بدء، أشكركم على الكلمات الطيبة الرقيقة التي وجهتموها إلي في بداية الحوار
وهي تعبر عن أصالتكم وكرم طبيعتكم.
1 -لا أملك إلا أن أكون ممتنا ، وجد شكور لكل الذين نظموا ، أو
ساهموا في هذا التكريم، وفي صدارتهم ” جمعية تيويزي للإعلام
والتنمية” بالدارالبيضاء، هذه الجمعية ذات الطموح الكبير والدأوب المتواصل من
أجل إبراز الوجه المشرق لثقافتنا الوطنية الأمازيغية، وكل المساهمين في هذه
التظاهرة الثقافية من دكاترة وأساتذة، ونساء ورجال الصحافة بمختلف أشكالها.
2 – باعتباركم واحدا من أبناء الحركة الأمازيغية ومن المؤسسين الأوائل لها بأكادير…ما هو تقييمكم لمسار وعمل هذه الحركة؟
2 – رغم الظروف العدائية التي ووجهت بها الحركة الثقافية الأمازيغية ولا تزال تواجه بها، فقد استطاعت أن تشق طريقها،وأن تقنع بأدائها الكثيرين ممن راهنوا
في الأول على فشلها. ولعل السبب في ذلك أنها منذ البداية،اختارت أن تبني خطابها على أسس حداثية متينة: حقوق اإلنسان والمواثيق الدولية،الديمقراطية،التعددية، النسبية،وهي مفاهيم وإن هي نائية نسبيا عن
مدارك الجماهير العريضة-الشيء الذي جعل الحركة نخبوية بعض الشيء-,فإنها عصمت الحركة من الوقوع في المزالق الكثيرة ؟ التي ما فتيء مناوئوها يحاولون
دوما أن يوقعوها فيها فلا يفلحون كالعنصرية، والفتنة، واستعداء الأجانب ضد الوطن، وغيرها من التهم الرخيصة التي لم تفلح في إيقاف زخم الحركة، واقتناع الجماهير بطروحاتها.
لقد حققت الحركة الأمازيغية مكاسب جلية،آخرها الاعتراف باللغة
الأمازيغية لغة رسمية في الدستور المغربي،وكلنا يعرف كم كان شاقا عسيرا على اللوبيات المتحكمة في مصير المغاربة ، منذ عشرات السنين أن يقبلوا بهذا الإنجاز الكبير للحركة.
الا أن هذا لا يمكن أن يخفي علينا أن هناك تحديات كبرى أمام الحركة الأمازيغية، ومأتى التحديات كون الغايات التي وضعتها غير هينة،وبعضها يتطلب طول النفس، وانتشار الوعي بين الجماهير العريضة،والمواطنة الحقة،ونبذ الكراهية،
ولكي أوجز : إن مستقبل الحركة الأمازيغية هو مستقبل الديموقراطية في المغرب، إنني أعني هنا الديمقراطة الحقة.
3 – بصفتكم من الإعلاميين الأمازيغ المرموقين,هل أنتم راضون على ما وصلت إليه الأمازيغية في الإعلام سواء السمعي منه أو البصري؟
3-الرضا لم تتوفر بعد شروطه، فلقد خطا الإعلام المغربي عموما خطوات لا بأس بها، واستفاد اإلعالم الأمازيغي من بعض هامش الحرية الذي أعطي
للصحافة بأنواعها المختلفة، ولكن اللغة الأمازيغية لم تستفد إلا القليل جدا، فكيف يمكن الحديث عن الإعلام الأمازيغي دون تكوين الصحفيين في اللغة الأمازيغية ؟
أجل هناك طاقات شابة تعمل كل ما في وسعها من أجل أن ترقى بمستوى الإعلام الأمازيغي سواء في الإذاعة أو التلفزة،إلا أن هذه الطاقات إنما تعتمد على عصاميتها، وتكوينها الذاتي.
إن تعامل الدولة المغربية مع اللغة الأمازيغية في الإعلام هو نفس تعاملها مع هذه اللغة في التعليم أيضا،يحس الصحفي أو
المعلم أن الأمر يتعلق ، إما بلغة لا حصر لها أهمية لها، أو بلغة غير مرغوب فيها اصلا.
لنتصور أن مناطق كبيرة جدا في بلدنا وهي ناطقة بالأمازيغية محرومة من
التغطية الإذاعية بالأمازيغية إلى اليوم، فعندما تتقادم أجهزة الإرسال في هذه
المناطق، تترك لحالها لتموت،وعلى متلقي برامج تلك الإذاعات أن يطوروا
أنفسهم حتى يتمكنوا من حقهم في اإلعالم بلغات أخرى أهم عند الدولة من لغتهم،
يقع هذا في زمن الانفجار المعرفي، وفي زمن يتغنى فيه الكل بحقوق المواطن،
وكرامة المواطن،وغير ذلك من المحفوظات المكرورة في وسائل إعلامنا الرسمي.
4- تعتبرون من الكتاب الذين أعطوا الأمازيغية الكثير, سواء من خلال الرواية الأمازيغية التي تمثلون واحدا من روادها, أو من خلال الترجمة إلى الأمازيغية، كما أنكم عضو مؤسس لجمعية ”تيرا” التي تعنى بالمبدعين الشباب ، و تشجع على الكتابة الأمازيغية…كيف تنظرون إلى مستقبل الكتابة بالأمازيغية؟
– تطورت الكتابة في اللغة الأمازيغية تطورا نسبيا خاصة اللغة الأدبية، فأمكن أن
نتحدث اليوم عن شعر أمازيغي مكتوب،وقصة،ورواية، ومقالة وغيرها ، وهذه
الأخيرة أجناس أدبية حديثة بدأت تتأصل في اللغة الأمازيغية، وهذا بفضل جهود
مجموعات من المناضلين والمناضلات الذين خالفوا قاعدة العامة، فأبدعوا بلغة أمهاتهم اللغة الأمازيغية، والتي كانت توسم حينذاك بأنها مجرد لهجة بدائية لم تعرف الكتابة قط، رغم أن الأمازيغ كانوا من بين الشعوب القليلة الذين وضعوا للغتهم حروف الابجدية “تيفيناغ”.
ثم بفضل الأعمال الممتازة التي قام بها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، فيما يتعلق بوضع القواعد الأساسية الإملائية والنحوية لكتابة هذه اللغة وفق قواعد عليا متفق عليها.
صحيح أنه لم تزل هناك صعوبات يتعين على الكتاب تجاوزها، فليس من السهل تمكين لغة ظلت شفوية لسنين عديدة، لتكون بين عشية وضحاها لغةللأدب وللفكر الراقيين، ولكن إذا تشبث المغاربيون بلغتهم الأم، وأرادوا فعلا السمو بها، فلا شك أنه ستتذلل كل الصعوبات مهما كانت ، ومن حسن الحظ أن الأمازيغية لاتزال حية يتواصل بها أبناؤها وبناتها ..