في حوار ماتع مع الفنان والمبدع الأمازيغي مولاي امحمد دامو
حاوره :
لحسن بازغ
يعتبر الفنان مولاي امحمد دامو واحدا من الفنانين الأمازيغ ،الذين يسكنهم هاجس البحث والحفاظ على الأغنية الأمازيغية، والعمل على استمرارها وسط الساحة
الفنية ، تتجاذبها إيقاعات وأصوات متعددة ،منذ سنوات و الفنان امحمد دامو يحاول البحث في بعض روائع الأغنية الأمازيغية ، والتي تغنى بها كل من الحاج بلعيد وعمر واهروش والدمسيري وامنتاك …….وسواء داخل المغرب أوخارجه . أحيى امحمد دامو عدة سهرات فنية ، ونظم معارض لبعض الآلات الموسيقية “كالرباب” .
وفي هذا الحوار نفتح معه موضوع الأغنية الأمازيغية ومدى تطويرها والارتقاء بها ، والتعريف بباقي روادها ومبدعيها ،وإبراز ماتزخر به من تراث وطاقات .
1-الأستاذ والفنان مولاي امحمد دامو ، مرحبا بكم ،وكسؤال أولي انتم كأحد الفنانين الأمازيغ الذي أعطى الشيء الكثير للأغنية الأمازيغية على مدى ثلاثين سنة تقريبا، كيف يمكنكم إعطاء تقييم عام لوضعية الفن والأغنية الأمازيغية اليوم ؟
-الشيء الذي يمكن تسجيله على مستوى الأغنية الأمازيغية منذ الثمانينات إلى
اليوم ،هو أن مستواها الفني ارتقى ،ولكن بالمجهودات الذاتية لفنانيها الذين
يعملون على جعل هذه الأغنية منتشرة في جميع مناطق المغرب و خارجه، بيد أن هؤلاء الفنانين بحاجة إلى دعم و سند، حيث لولا الدعم والحب الذي نجده ونالمسه لدى الجاليات المغربية خارج الوطن، لما استمررنا.. مهمتنا تمثيل
المغرب بحضارتنا وتراثنا، وأتذكر أنه في أحد المعارض الذي نظمته في إيطاليا للآلات الموسيقية العريقة، قدمت للجالية المغربية عقودا كان يبرمجها الحاج بلعيد
مع الفنانين والعازفين ، للقيام بجولات فنية بالديار الفرنسية سنة 1935 ،هذه العقود التي كانت تنص على أن الأمر يتعلق بعقود التزام بالعمل خارج الوطن في المعرض الدولي بباريس، وأنه ممنوع على الموسيقيين أن يتعاطوا للسجائر والكحول، وممنوع عليهم أن يشاركوا في نشاط أخر دون أخذ رخصة من الحاج بلعيد، أو نهج سلوك يجلب سمعة سيئة للمغرب، مقابل أجرة شهرية حددت في 100فرانك يتقاضاها الموسيقيون. يتضح من خلال نموذج الحاج بلعيد أن المجهودات مبذولة للتعريف بالأغنية الأمازيغية خارج الوطن وتمثيلها علىأحسن وجه.
2- هل يعتبر ما تقوم به من مجهودات من خلال تجربتك الفنية هو بمثابة البحث عن استمرارية الأغنية الأمازيغية و الحفاظ عنها؟
– يمكننا الجزم بأنه في مجال الأغنية الأمازيغية فقدنا الخلف الذي سيحمل مشعل الاستمرارية، فكل فنان يأفل نجمه من الساحة الفنية إلا و ينتهي ولا يعقبه فنان آخر، و هذا من شأنه ألا يخلق تنافسا في الساحة الفنية، وتسابقا من أجل خلق الجيد بين فناني الأغنية الأمازيغية، مثل ما كان عليه الأمر بين الروايس الدمسيري، سعيد أشتوك وعمر أهروش و احماد أمنتاك، الذين شكلوا أقطابا للأغنية الأمازيغية…
حاليا، مانلمسه هو غياب الشباب الذين يكونون بنفس الطريقة التي كون بها هؤلاء الروايس، ويحافظون على الآلات الموسيقية العريقة التي كانوا يعزفون عليها. صحيح أن الأغاني العصرية منتشرة وسائدة، لكنها لن تحل محل الأغاني
القديمة ، التي تغنى بها المرحوم الحاج بلعيد، هاته الأغاني التي مازال يرددها الناس، والتي مازالت تطرب الجمهور لحد الان، رغم أنها مغناة في العشرينيات ،
الا أنها مازالت صامدة في وجه الزمن، على عكس أن الأغاني التي تردد حاليا ، والتي لا يتجاوز عمرها بعض الأسابيع المحدودة، فأغنيات الحاج بلعيد كانت أغنيات هادفة، تتحدث عن الاستعمار، عن الأخلاق، عن الظروف المعيشية، كانت
رسالة تربوية تدعو إلى التشبث بكل ماهو صالح، و تعطي الموعظة و النصيحة،
و نفس النهج سار عليه الجيل الذي أعقبه ، ولكن للأسف منذ الثمانينيات انقلبت الأمور، واختلط الفن بين الجيد والرديء.
3- كيف ساهمت الجولات خارج أرض الوطن في استمرارية تجربتكم الفنية؟
– ربما أن هذه الجولات هي الحافز الذي يزيدنا صبرا وثقة ، لكي نستمر في الساحة الفنية، حيث إننا هناك نلمس تشجيعات سواء من قبل من يستوعب الأمازيغية أو الذي لا يفهمها، وطبيعي جدا أن يجتهد أي إنسان ، إذا ما لقي تشجيعات كافية ، أما إذا لم يلق أي سند ، فمن المؤكد أن النتيجة تكون عكسية وتدفع بالإنسان إلى
التقاعس والتقليل من شأنه وقدراته الفنية.