أخباررياضة

الجزائر تسلم جثمان اللاعب اخريف الى اسرته المكلومة في المغرب

سماح عقيق/ مكتب مراكش

بعد أربعة أشهر من المماطلة غير المبررة، قررت السلطات الجزائرية أخيرا إخلاء سبيل جثمان اللاعب المغربي عبد اللطيف أخريف، الذي لفظته أمواج سواحل وهران الصيف الماضي، ليعود إلى أسرته في المغرب.

وجاء هذا القرار، بعد ضغوط غير مسبوقة من المنظمات الحقوقية والشعب المغربي، إضافة إلى التحركات الحازمة التي قادتها الحكومة المغربية في مواجهة الاستفزازات المستمرة من قبل النظام العسكري الجزائري.

وقد حاول النظام الجزائري تحويل مأساة وفاة أخريف إلى ورقة ابتزاز سياسية، حين أصر على احتجاز الجثمان في مستودعات الأموات بمدينة وهران لأشهر طويلة، متجاهلا نداءات أسرته وأصوات المنظمات الحقوقية التي طالبت بتسليمه على الفور.

وكشف هذا التصرف من الجزائر للعالم، مدى انحدار النظام العسكري في هذا البلد، الذي لا يتورع عن استغلال المآسي الإنسانية لتحقيق أجنداته السياسية الضيقة.

وتعود بداية القصة إلى غشت 2024، حين تم العثور على جثمان اللاعب المغربي عبد اللطيف أخريف في شواطئ كاب فالكون بمنطقة عين التراك الجزائرية، بعدما تعرض هو وعدد من زملائه لحادث غرق خلال رحلة سياحية بمنتجع في شمال المغرب.

ومنذ ذلك الحين، رفضت السلطات الجزائرية تسليم الجثمان لأسرته في المغرب، مما أثار موجة من الغضب العارم في الأوساط المغربية والدولية.

لكن الغريب في الأمر أن النظام العسكري في الجزائر استمر في المماطلة، رغم ضغوط شعبية وحكومية مغربية استمرت لشهور.

وأبدت الحكومة المغربية، ممثلة في وزارة الخارجية، موقفًا حازمًا في التعامل مع هذه القضية الإنسانية البحتة، حيث أجرت اتصالات متواصلة مع المنظمات الدولية وفرضت ضغطا قويا على الجزائر لتسليم الجثمان.

وتحت ضغط الشارع المغربي رضخت السلطات الجزائرية أخيرا وقررت نقل الجثمان عبر الحدود إلى المغرب، وهو القرار الذي جاء بعد أن تزايدت الانتقادات على المستوى الدولي.

لكن ما يثير الاستهجان هو أن الجزائر لم تقدم أي تفسير رسمي لهذا التأخير الفاضح، بل بدا أن النظام العسكري كان يصر على استغلال قضية وفاة لاعب مغربي لتعميق الخلافات السياسية مع الجار الغربي، في وقت كانت فيه المغرب تعمل على إعادة التأكيد على القيم الإنسانية وحقوق الأفراد.

وفي حين كانت الجزائر تغلف سياستها بهذه التصرفات اللامسؤولة، كان العالم يشاهد كيف يتم تسييس حتى الموت في سبيل إهانة الآخر.

ولم يكن احتجاز جثمان أخريف الحادثة الوحيدة التي تكشف عن الوجه الحقيقي للنظام العسكري في الجزائر.

ففي العام الماضي، أقدمت السلطات الجزائرية على إطلاق النار على شباب مغاربة دخلوا مياهها الإقليمية عن غير قصد، واحتجزت جثامينهم، مما يطرح تساؤلات جدية حول نزعة النظام الجزائري في استخدام كل وسيلة، حتى وإن كانت إهانة لحقوق الإنسان، لتحقيق أجندات سياسية ضيقة.

ويبدو أن النظام العسكري في الجزائر، الذي يدعي في المحافل الدولية التمسك بحقوق الإنسان، بات يجهل أن أبسط الحقوق، مثل دفن الموتى بكرامة، لا يمكن المساومة عليها في صراعات سياسية عابرة.

وهكذا تتناقض تصريحات الجزائر في الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان تمامًا مع الممارسات على الأرض، التي تتسم بالقسوة واللامبالاة تجاه أبسط القيم الإنسانية، لكن في النهاية ثبت أن هذه السياسات لا تعكس إلا صورة لنظام عاجز عن إدارة الأزمات بطرق سلمية، ويعتمد على منطق الانتقام الذي يطال حتى الموتى.

وتكشف هذه القضية عن هشاشة النظام الجزائري، الذي يفضل الرهان على استمرار السياسات العدائية والمراوغة بدلا من بناء علاقات جادة ومبنية على الاحترام المتبادل.

هذا النظام الذي يتهرب من المسؤولية، ويفشل في إظهار أي نوع من الرحمة الإنسانية، يُثبت يومًا بعد يوم أنه لا يقدر على التعامل مع تحديات القرن الواحد والعشرين سوى باستخدام أساليب متجاوزة للأخلاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock