التسامح الديني بالمغرب .. قصة نجاح لإرث متجدد يحاكي الإنسانية برعاية الملك محمد السادس
هيئة التحرير
يُبرز المغرب نفسه كنموذج فريد للتسامح الديني في منطقة غالبًا ما ترتبط بالصراعات والتوترات الطائفية، وهو ما تؤكده تقارير دولية حديثة، بما في ذلك تقارير صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية ومركز “بيو” للأبحاث.
وتؤكد هذه التقارير التزام المملكة بقيم التعددية والانفتاح، مع إيلاء اهتمام خاص لحماية الأقليات الدينية، وهي رؤية يوجهها الملك محمد السادس الذي أكد مرارًا وتكرارًا أهمية التعايش الديني في نسيج المجتمع المغربي.
في تقريرها الأخير، أشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن المغرب اتخذ خطوات مهمة لتعزيز الحريات الدينية، من بينها مراجعة المناهج التعليمية لضمان غرس قيم التسامح واحترام الآخر.
كما نوه التقرير بالجهود المغربية في الحفاظ على التراث اليهودي، وهو عنصر محوري في الهوية الثقافية المغربية.
وتتجلى هذه الجهود في ترميم الكنيسات اليهودية والمقابر، بالإضافة إلى إعادة دمج التاريخ اليهودي في الكتب المدرسية، وهو ما يُظهر التزامًا واضحًا بتعزيز التعايش واحترام التنوع.
وتستمد هذه السياسة اسسها من الرؤية الملكية التي عبّر عنها الملك محمد السادس في عدة مناسبات. ففي خطابه خلال زيارة البابا فرنسيس إلى المغرب عام 2019، قال الملك: “بصفتي ملك المغرب، وأمير المؤمنين، فإنني مؤتمن على ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية. وأنا بذلك أمير جميع المؤمنين، على اختلاف دياناتهم”.
وتؤكد هذه العبارة، التي أثارت اهتمامًا دوليًا، التزام المغرب بحماية الحريات الدينية لجميع سكانه، سواء كانوا مسلمين، يهودًا، أو مسيحيين.
وفي تصريح آخر خلال زيارته إلى مدغشقر عام 2016، قال الملك: “ملك المغرب هو أمير المؤمنين؛ المؤمنين بجميع الديانات”. وهو ما يعكس فلسفة شاملة تُكرّس قيم الانفتاح والاعتدال كجزء لا يتجزأ من السياسة المغربية.
لكن التقارير الدولية ليست وحدها التي أشادت بهذه الجهود؛ فقد أثنى العديد من القادة الدينيين العالميين على دور المغرب. فلقد كانت زيارة البابا فرنسيس محطة رئيسية لتسليط الضوء على تجربة المملكة في التعايش الديني، حيث وصفها البابا بأنها “نموذج للتسامح والاحترام المتبادل”.
وتظل مؤسسة إمارة المؤمنين الركيزة الأساسية لضمان الوحدة الدينية والروحية في المغرب، حيث تُشرف على تطبيق سياسات دينية معتدلة وتعمل على تعزيز الحوار بين الأديان.
ويضمن هذا النهج استقرار المملكة ويُبرزها كوجهة للتعايش السلمي، في وقت تعاني فيه المنطقة من تصاعد التطرف والانقسامات.
من الناحية الاجتماعية، يُظهر المغاربة مستوى عالٍ من التسامح والانفتاح، وفقًا لتقرير مركز “بيو”، الذي صنّف المملكة كواحدة من الدول الأقل توترًا دينيًا في المنطقة.
هذا المستوى المنخفض من العداء الاجتماعي المرتبط بالدين هو نتيجة مباشرة للسياسات التي تدعم التعددية واحترام الاختلاف.
وفي ظل هذه الإنجازات، يواصل المغرب تقديم نموذج يمكن أن يلهم دولًا أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بل وفي العالم.
والأكيد ان السياسات الملكية التي توازن بين الهوية الدينية واحترام التعددية تجعل من المملكة واحة سلام في منطقة مضطربة، ومثالًا يُحتذى به لتحقيق التعايش الديني المستدام.