أخباراقتصادوطني

أكثر من عامين ونصف على اتفاق “الجمارك التجارية” .. المغرب يمضي بثبات في ترسيخ رؤيته السيادية بشأن سبتة ومليلية

هيئة التحرير

رغم مرور عامين على الإعلان عن اتفاق بين المغرب وإسبانيا بشأن إعادة فتح الجمارك التجارية في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، فإن التنفيذ لا يزال معلقا، مما يبرز الأبعاد السيادية التي يوليها المغرب لهذا الملف ويدفع إلى تحليل هذا التعثر في سياق إعادة تعريف العلاقات الثنائية بين البلدين.

ويعكس الاتفاق، الذي جاء في أعقاب التحول التاريخي في الموقف الإسباني من قضية الصحراء المغربية بدعمها لخطة الحكم الذاتي كحل واقعي للنزاع المفتعل، دينامية جديدة في ميزان القوة بين الرباط ومدريد، حيث أصبح المغرب أكثر قدرة على إدارة الملفات الثنائية بما يخدم أجندته الوطنية، وعلى رأسها قضية السيادة.

ولم يكن إغلاق المغرب للجمارك التجارية في مليلية عام 2018، وتغييبها تاريخيًا في سبتة، مجرد خطوة تقنية، بل تعبيرًا عن استراتيجية تهدف إلى تقويض البنية الاقتصادية التي دعمت لعقود أطروحة “إسبانية” المدينتين.

وقد أربكت هذه الخطوة مدريد وأعادت ترتيب الأولويات في العلاقة مع الرباط، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها إسبانيا على المستويات الداخلية والإقليمية، بما في ذلك ملفات الهجرة والطاقة والأمن.

ويعكس التأجيل المتكرر لإعادة فتح الجمارك، الذي أرجعته الرباط إلى “مشكلات تقنية”، توجهًا مغربيًا لتحويل هذا الملف إلى ورقة تفاوضية تضغط بها لتحقيق مكاسب أكبر في قضايا أخرى، من بينها تعزيز الدعم الإسباني للوحدة الترابية للمملكة.

ويشكل تعثر تنفيذ الاتفاق أيضًا اختبارًا للحكومة الإسبانية التي تواجه انتقادات متزايدة من المعارضة، التي ترى في هذا الملف تنازلات سيادية لصالح المغرب.

هذه الانتقادات تُبرز المخاوف الإسبانية بشأن مستقبل المدينتين، خاصة مع نجاح الرباط في تغيير طبيعة العلاقة مع مدريد، لتتحول إلى شراكة تقوم على توازن المصالح بدلاً من الهيمنة الأوروبية التقليدية.

غير ان التأجيل المستمر لا يعكس فقط تحديات تقنية، بل يُبرز استراتيجية مغربية تهدف إلى تغيير المعادلة الاقتصادية في المدينتين المحتلتين، بما يضعف أي محاولات لإدامة الوضع الراهن.

ويعتمد المغرب، الذي يدرك أهمية التعاون مع إسبانيا في قضايا مثل مكافحة الهجرة غير النظامية والطاقة والأمن، خطوات مدروسة تُعيد رسم معالم العلاقة الثنائية، بما يضمن تحقيق أهدافه السيادية.

ويظهر هذا الجمود قدرة المغرب على إدارة الملفات المعقدة بذكاء استراتيجي، حيث يوازن بين التعاون في القضايا المشتركة وممارسة ضغط متواصل في القضايا السيادية.

ومع استمرار تأجيل فتح الجمارك، يبدو أن الرباط تعمل على تحقيق مكاسب أوسع تتجاوز الجانب التجاري لتصل إلى إعادة تعريف وضع المدينتين بما يعزز سيادة المغرب ويكرس مكانته كشريك أساسي في المعادلة الإقليمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock