مكتب أكادير / هشام الزيات
احتفاء برأس السنة الأمازيغية 2975، تنظم جماعة تيزنيت بتعاون مع المجلس الإقليمي لتيزنيت، وبمشاركة فعاليات المجتمع المدني، احتفالية “تيفلوين”، خلال الفترة الممتدة ما بين 11 و 14 يناير 2025، تحت شعار “احتفالية الأرض والهوية” .
وتأتي هذه الاحتفالية، انسجاما مع القرار التاريخي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بجعل يوم 14 يناير من كل عام يوم عطلة رسمية مؤدى عنها، وهو ما يشكل بكل فخر واعتزاز منعطفا جديدا يجسد العناية المولوية بالثقافة واللغة الأمازيغية، سواء باعتبارها أحد مكونات الهوية المغربية، أو باعتبارها لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، فضلا عن دورها المحوري في دينامية الهوية والانتماء، الأمر الذي سيعزز حضور الثقافة الأمازيغية ضمن خارطة التظاهرات الثقافية بربوع وطننا الحبيب، وسيساهم في تقوية مكانتها ضمن الهوية المغربية الأصيلة والغنية بتعدد روافدها .
ومن هذا المنطلق، تعلن جماعة تيزنيت لساكنة المدينة وجميع ضيوفها وزوارها ومختلف الفعاليات المدنية، عن تنظيم النسخة الثالثة لـ”احتفالية تيفلوين”، مواصلة منها لاستراتيجية ترسيخ قضايا التنمية الثقافية بالمدينة، بشكل يجعلها رافعة ومدخلا أساسيا للتنمية الشاملة بالمدينة ونواحيها .
وتهدف الإحتفالية إلى التأكيد على مكانة الثقافة الأمازيغية وحضورها الفاعل والمؤثر في عبر التاريخ والحضارة المغربية، كما تهدف إلى إبراز قدرتها على الإنفتاح والتمازج والتكامل والتفاعل الخلاق مع الحضارات الأخرى، علاوة على أخذ زمام المبادرة لصناعة نموذج ثقافي يسهم في صياغة وجدان هوياتي مرتبط بالأرض، وترسيخ تماسك المجتمعي المحلي، مع التأكيد على معاني الوحدة أرضا وتاريخا، ثقافة وفكرا، أمنا وبناء .
وكما تهدف احتفالية هذه السنة، إلى المساهمة في جعل اقتصاد المعرفة والصناعة الثقافية قاعدة لتحسين التنافسية الإقتصادية والترابية لإقليم تزنيت، وعاملا من عوامل تقوية جاذبيته الثقافية والتراثية والتنموية، وترسيخ الترابط التاريخي بين “بساتين تاركا” كمتنفس بيئي يمتد على عشرات الهكتارات، والمدينة العتيقة كواحدة من أعرق المدن على الصعيد الوطني .
وفي ذات السياق، تسعى “احتفالية تيفلوين” إلى المساهمة في التعريف بالموروث المادي واللامادي لمدينة تيزنيت، عبر ورشات حرفية تمنح من التقاليد التراثية للذاكرة الجماعية، المرتبطة أساسا بالدورة الزراعية والفلاحية والصناعات التقليدية المختلفة، كما تسعى إلى استعراض أشكال ثقافية وفنون أصيلة منفتحة على التعبيرات الحداثية والعصرية، مع استحضار تنوعها وضرورة تشجيع وتثمين المنتوجات المحلية المجالية والبيولوجية .
وباعتماد مقاربات الشراكة والتشارك والنوع، واحترام البيئة وإدماج الأطفال والشباب في الدينامية التنموية بالمدينة والإقليم، تسعى “احتفالية تيفلوين” إلى تثبيت الممارسات الفنية بالفضاءات الثقافية، وتشجيع القدرات الإبداعية المحلية (للرواد والشباب)، واكتشاف الدلالات الرمزية للاحتفال بـــــ”إيض ن اينّاير”، والتعرف على الحضارة الأمازيغية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الثقافة المغربية .
وبناء على ما سبق، ستحتضن “احتفالية تيفلوين” أربعون فضاء بكل تمظهراتها وتجلياتها الفنية والإبداعية، حيث سيبرز غنى وتنوع الموروث الثقافي بتيزنيت على طول مسار “تيفلوين” الممتد بالأحياء والممرات التالية: وبداية من حي إنرارن ندعلي: حيث سيقام معرض للفن التشكيلي “أزور-آرت”، وستوديو وورشات للأطفال، في النحث والرسم والألعاب التقليدية الأمازيغية (أدغارن ن تازانين) .
وكذلك ممر كر المداين: معرض صور الدورتين السابقتين للاحتفالية .
وفي إطار تعزيز الإرتباط بالتقاليد الدينية العريقة ستكون باحة الجامع الكبير: برنامج ليالي صوفية عبارة عن جلسات ذكر جماعية، تتخللها تلاوات قرآنية، وأمداح نبوية، تعكس أجواءً روحانية تؤطرها مدارس عتيقة وزوايا دينية وجمعيات .
وأما في مايخص الفن ستعرف تيكمي ن تمازيرت: أسالاي ن أغوليد” لوحات فنية “تايسي دوكلان”، و”العوايد ن تامغرا” .
وسيعرف برج تيكمي ن تمازيرت: ورشة لصناعة آلة الرباب والعزف عليها .
وكذلك مركز تفسير التراث: أروقة متعددة للكتب لجمعيات وكتاب حول الثقافة الأمازيغية، وورشات للقراءة وفنون الخط وفن الأوريكامي .
وأما في مايخص الفضاء العلوي للمركز: مهيأ للورشات التكوينية الموضوعاتية وللقاءات بين الفنانين والمبدعين .
والفضاء التحت أرضي للمركز: معرض ذاكرة تيزنيت المربية ومعرض صور الحلي المحلية .
وأما مسرح الهواء الطلق أغناج: سيعرف معرض آخر لصور المآثر التاريخية، وأنشطة ترفيهية للأطفال صباحا، وحكايات “أومين دو أومين” مساءا وسهرات تراثية ليلا تتشكل من فنون أحواش ن درست – تيرويسا – تارشاشت وتزنزارت .
وأما في مايخص محاذاة سور قصبة أغناج: تنصب خيام سوق الإبداع “soukcrea” التي تعرض فيها العديد من الجمعيات والشباب المبدع إنتاجاتهم الإبداعية وتحفهم العبقرية يتوسطه مقهى أدبيا شبابيا “cafécrea” للمناقشة وتبادل الأفكار الإبداعية .
وأما فضاء العين أقديم: باعتباره نواة للمدينة العتيقة ونقطة جذب سياحية، ركح لعرض الأزياء الأمازيغية .
وكذلك فضاء أنوال: الذي تحضر فيه أكلات “تاكلا وأوركيمن” وتقدم فيه منتوجات الجمعيات النسائية المتخصصة في فن الطبخ النشيطة بالمراكز الثقافية التربوية وفقرات من المديح الصوفي النسائي “أكراو ” ليلا .
وإكي ن تفلوين: معارض ذاكرة أعلام تيزنيت والعين أقديم والهوية البصرية الجديدة للمدينة .
وأما في مايخص ساحة النخلات: تُعرض فيها تشكيلة متنوعة من الحرف والمعارف التقليدية .
وكذلك محاذاة السور الأثري، من باب تاركا أوسنكار في اتجاه باب الخميس: تنصب فيه ما يزيد عن 100 خيمة تخصص لمعرض تعاونيات الإقتصاد التضامني الاجتماعي، والتي تقدم منتوجات مجالية متنوعة يزخر بها إقليم تيزنيت، بموازاته فضاء للمطعمة لتقديم الأكلات والأطباق الأمازيغية .
وفضاء تذوق وجبتي تاكلا وأوركيمن: بمحاذاة السور الأثري أمام مدرسة الوفاء، والساحة الخارجية لباب تاركا: تنشأ بها عدة أفران لطهي الخبز التقليدي (إنكان وتفرنوت) وتقديم لوحات من فنون أحواش، وكذلك واحة تاركا والتي تنظم بمزارعها جلسات لاحتساء الشاي بالنعناع التيزنيتي، وعلى طول مسار تيفلوين تنظم فرجات لفنون جماعية تقليدية من رقصات أحواش قادمة وممثلة لمختلف مناطق الإقليم .
وينظم أيضا المعروف نتيسواك حيث تحضر العائلات بأحياء المدينة الأكلات، وتحملها النساء في موكب يُعرف بـ”ترزيفت”، في اتجاه العين أقديم وتُرافقهم أهازيج وأغاني متصلة باحتفالية “إيض ن يناير”، وبنيات ثقافية بالمدينة تنخرط في تثمين الموروث الثقافي لتيزنيت وكنوزها البشرية عبر ندوات فكرية وعلمية بفضاءات أكورا، رياض الجنوب و تورتيت .
وتجدر الإشارة إلى أن دورتي 2973 و2974 السابقتين عرفت نجاحا باهرا تجلت في مستوى الإنخراط الفعال للمجتمع المدني و معه ساكنة المدينة، التي التفت واحتضنت هذه التظاهرة بما يليق من التفاعل والتلقائية، دون نسيان الدور الإيجابي والمجهود الكبير للشركاء المؤسساتيين والمدنيين، وللسلطات الإقليمية والمحلية ورجال الأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية، ورجالات الصحافة والإعلام .
وفما حملته الفضاءات المعدة للاحتفال، يحمل مفاجآت وكنوز مادية وبشرية فاقت كل التوقعات، وتعددت حمولاتها الرمزية والثقافية والاجتماعية، كما تنوعت الاحتفاليات المنفتحة على فنون العيش المشترك والعناصر التراثية المختلفة، وكشفت اللثام عن تصورات وأفكار تنموية لساكنة المدينة وفعالياتها المختلفة، كما رسمت آفاقا مشرقة لمستقبل الاحتفاء بالسنة الأمازيغية بتيزنيت .