عبد اللطيف شعباني
مدينة مرَاكش المغربية التي تُعرف باسم المدينة الحمراء وعاصمة النخيل، تشغل موقعًا مميزًا وسط البلاد في قلبِ إقليم الحوز السهلي إلى الجنوبِ من نهر تانسفيت، وقد أُسست هذه المدينة على يد يوسف بن تاشفين في منتصف القرن الحادي عشر..
وتختلف الروايات في تفسير تسمية مراكش؛ فيرى بعضها أن مراكش كلمة أمازيغية تعني “مرّ بسرعة”، ويرى آخرون أن “أكش” اسم إله قديم.
وهناك من يرى أن اسم “مراكش” يرجع إلى الكلمة الأمازيغية “أمور ن اكوش”، وتنطق بالأمازيغية أموراكش، وتعني بلاد الله أو أرض الله، وهي دلالة لها بُعد عالمي، والانتماء إلى الإنسانية جمعاء
وتلقب مدينة مراكش بالمدينة الحمراء، وسميت بهذا الإسم ذلك نسبة إلى اللون السائد على مبانيها، هي مدينة الجذب السياحي وعروس الجنوب، ويطلق عليها أيضا مدينة البهجة ، وذلك بسبب الروح المرحة التي يحضى بها أغلب سكانها المعروفين بالنكتة والكوميديا وخفة الدم؛ حيت لا تمر بشارع منها دون أن تصحب معك ابتسامة مرسومة على وجهك ،
يعرف أهل المدينة الحمراء بالكرم وحسن الضيافة للغريب والزائر بشكل عام .
وتشتهر مدينة مراكش بوجود ساحة جامع الفنا في وسط المدينة العتيقة لمراكش، عاصمة المرابطين، والمدينة ذات الثقل التاريخي والإشعاع الثقافي والسياحي. قريبا من مسجد الكتبية الأثري، وتعد الساحة موطن الحركة التجارية ومعبرا نحو مختلف مفاصل المدينة الحمراء.
وقد تبلورت وظيفتها التجارية قبل أن تكتسي أبعادا أخرى بعد بناء مسجد الكتبية المجاور لها، والذي منحها صيتا أكبر.
وهناك من يربط تسميتها بساحة جامع الفِناء نسبة الى فناء الدار، أي الباحة المفتوحة، وهناك من يعتمد الفاء بالفتحة، فيقرنها بالفناء بزعم أنها كانت مسرحا لتنفيذ عمليات الإعدام في عصور غابرة، لكن ثمة إجماع على أن الساحة شكلت عبر قرون طويلة مكانا لاستعراض الجيوش في طريقها الى الحملات العسكرية.
ساحة جامع الفنا هو فضاء شعبي للفرجة والترفيه للمحليين و السياح بمدينة مراكش بالمغرب، وبناءا على ذلك تعتبر هذه الساحة القلب النابض لمدينة مراكش حيث كانت وما زالت نقطة إلتقاء بين المدينة والقصبة المخزنية والملاح، ومحجا للزوار من كل أنحاء العالم للإستمتاع بمشاهدة عروض مشوقة لمروضي الأفاعي ورواة الأحاجي والقصص، والموسيقيين إلى غير ذلك من مظاهر الفرجة الشعبية التي تختزل تراثا غنيا وفريدا كان من وراء ترتيب هذه الساحة تراثا شفويا إنسانيا من طرف منظمة اليونيسكو سنة 1997.
ورغم تأكيد وجودها وموقعها الحيوي في العهد المرابطي، فإن بعض المؤرخين يربط اسم “الفنا” بفِناء المسجد الأعظم الذي بناه السعديون بحي روض الزيتون في القرن السادس عشر الميلادي.
وشكل تصنيفها كذلك عام 2001 ضمن قائمة التراث العالمي للإنسانية لدى منظمة اليونسكو، المنعطف الأهم في حياة المكان، كاعتراف عالمي بقيمتها الثقافية، واحتفاء برواد فنون الفرجة الشعبية الحاملة لأسرار تراث إنساني عريق، وذاكرة شفهية يخلدها التوارث بين الأجيال.
كما يصفها الأوروبيون بالمدينة الساحرة لطبيعتها ومناخها الصحي؛ مما جعل الآلاف منهم يختارون الاستقرار بها، وفيهم شخصيات عالمية وأسماء كبيرة في عالم السياسة والفن..
وقد تغنى بها الشعراء….
يا ليل في(( مراكش الحمراء)) يا جنة العشاق والشعراء
انساك لا لا ليس انس طلعة الـ وجه الضحوك وعاطر الاشذاء؟
أطرقت استوحي جمالك خاشع يا ليل في ((مراكش الحمراء))
وحدائق الليمون تسبح في الندى نشوى تعاطيني بكل سمـــاء
بمدينة الاسوار والابواب. واللـي ـون. والزيتون طاب ثرائي
لله مراكش الغراء من بلد وحبذا أهلها السادات من سكن
وقال شاعر آخر..:
أيا مراكش الحمراء يا مهجتي.
يا روح الكون. ولون الحياة البهيج
وصوت الحرية القريب.
يامنارة كل تائه أو يتيم..
وقال الشاعر الكبير محمد المدني الحمراوي:
مراكش فيك مسرتــــــــي *** ولديك احلام المنى تتحقـــــــــــق
فاذا حللتك فالحياة بهيجـة *** واذا نزحت فمهجتي تتحــــــــــرق
الحسن فيك تكاملت اياتـــــه *** والفضل فيك مخيم ومحلـــــــــق
لم انس قط ولست يوما ناسيا *** متعا بمنتزه المنارة تعشـــــــــق
ومآثر القصر البديع وما حوى *** اكدال منجنات حسن تونــــــق
وحدائق الباب الجديد ومنظرا *** عند الغروب يكاد سرا ينطـــق
والشمس فوق جليز تلفظ روحهـــا *** وتودع البلد البهيج وترمـق
والعطر قد غمر الانوف من الربى *** ومن السهول فكل انف ينشـق
مراكش الحمراء صوني عهدنا *** اني بهدبك في النوى اتعلــق