قراءة للمجموعة القصصية ( نوستالجيا )
محمد نشوان/ مكتب مراكش
قراءة ماتعة و ممتعة لمجموعتي القصصية ” نوستالجيا ” من إبداع الاستاذ عبد المجيد أدهابي
” نوستالجيا ” رحلة سردية من الحكي إلى التعرية
القاص محمد نشوان
مشاهد يومية من قراءة التفصيل إلى قراءة التأويل
المجموعة القصصية ( نوستالجيا )
دعونا أن نتوقف قليلا على العنوان باعتباره مدخلا أساسيا لهذا العمل السردي.
في القاموس كلمة نوستالجيا أصلها يوناني ، و تتكون من كلمتين، ” نوست ” وتعني العودة للبيت و الكلمة ” الجيا ” و تعني الألم و الوجع، من هذا يتبادر إلى ذهن القارئ مدى الآلام و الأوجاع التي تحاصر ذاكرة الكاتب لعودته للبيت، والمقصود هنا في اعتقادي الخروج من البيت والذهاب في رحلة العمل الجبري التي فرض على الكاتب أثناء تعيينه معلما في إحدى المناطق النائية حين ينقلنا في بابه الأول من مجموعته القصصية تحول رحلة تعيين و اصطدام مع واقع لا يمنحك الطمأنينة منذ البداية، فتتشكل صراعات داخلية وخارجية .
فهو القائل في الباب الأول:
( دخل حربا جديدة مع أهل البلدة التي سيعمل بها ) إلى أن عمم الحرب و جعلها أكثر ضراوة عندما قال : ( حربا ضد التقاليد و الأعراف )
من هنا تكون عودته للذاكرة موشومة بالألم والوجع.
و أنت تقرأ هذه المجموعة القصصية للقاص محمد نشوان تنتشي في هدوء بأسلوب بسيط يرحل بك دون متاهات، قراءة تسير نحو تأويل واحد لا يقبل التفصيل، هي قراءة مفصلة للمعيشي بشكل تصاعدي يجعل الأحداث أكثر منطقية و فهما.
المجموعة القصصية ” نوستالجيا ” تملك مداخل من أبواب كثيرة ومتنوعة، تتخذ من البعد النفسي سبيلا لتعرية أحداث حقيقية تتوغل في الزمان والمكان، من هذيان نحو
” ماء الحياة ” مرورا ب ” نوستالجا ” و من ” خطة بديلة ” إلى ” فلاش ” كل هذه دفقات بين النفس الكاتبة والنفس المطلة على الأحداث من خارج كل الأبواب و المداخل، حقيقة قراءة المجموعة القصصية ” نوستالجيا ” إطلالة على الواقع و تمفصلاته و تعرجاته، من النص ككتابة سردية تنقل الواقع، ومن رؤية القاص و قراءته للواقع، ومن توفر عنصر الحكاية الشيق والتخيل تجعل من هذه المجموعة لوحات تتشكل في واقع كل منا بشكل أو بآخر، هي في البداية والنهاية أحداث إنسانية بلغة بسيطة تمنح التأويل والتصريف في اللغة بأسلوب بسيط و واضح .
محمد نشوان من الكتاب الذين لا يخضعون إلى إكراهات العرض والطلب، بل هو من أولئك الذين يشتغلون في صمت و يتخذون من الظل مقاعد لهم ثم يبدعون في صمت، خلايا من الأرواح االإنسانية لا تتحكم فيهم نزعة العظمة أو الرغبة في الشهرة، ما يكفيه هو ابتسامة القراء عندما يسبحون باحثين عن نوستالجياتهم في أفق تبديد الآلام والأوجاع.
عبد المجيد ادهابي