حضانة الناجي والهوني: رؤية قانونية مفصلة
د.نورالدين الوكيل / رئيس قسم الشؤون القانونية للجريدة
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتهليلات و الترحيب بحكم اعتقدت انه قضى بإسقاط الولاية عن اب لطفل و منحها للأم المطلقة على إثر تدوينة مغلوطة، والواقع غير ذلك إطلاقا، والواقع انه ما كان لأي قاض ان يصدر حكما ينسف نصا تشريعيا (وان كان البعض اعتبر ان من حق القاضي ان يجتهد في حين انه لا اجتهاد ما وجود نص)
كما انه ما كان على المدعية ان تتقدم بطلب يتعارض مع النص التشريعي اصلا. كل ما كان بإمكانها فعله هو، عند تعسف الأب بمنح الأذن لممارسة حق من حقوق المحضون ان تتوجه للقضاء الذي يحل محل الأب بالاذن لها أو أمر الولي بذلك بعد ادلائها طبعا بالوثائق التيتعزز طلبها. وهذا ما صدر به الحكم المذكور حيث قضى بعدم قبول الطلب شكلا في الشق المتعلق بإسقاط الولاية الشرعية للأب و بقبول الباقي المتمثل في تمكين المدعى عليه المحضون من متابعة الدراسة ببعثة أجنبية.
أتت هذه الواقعة لتتيح الفرصة لمن يسعى الركوب عليها تحت اسم الدفاع عن حقوق المرأة و حقها فى المساواة مع الرجل حتى لو استدعى الأمر المطالبة بأشياء مخالفة للقانون
ذكرني هذا بمؤتمر للمحامين العرب كان منعقدا بتونس، و أثناء مناقشة موضوع يتعلق بوضعية المرأة في الإسلام تصدت محامية تونسية (كانت متشبعة بالأفكار البوربيكية) وتقدمت بمقترح يرمي إلى المطالبة في حالة الطلاق ان يتحمل الأب حضانة الأطفال لأنها تعتبر ان الحضانة التي تعطى للأم ليست حقا و إنما هي عبء إضافي عليها.
صدمت من اقتراح تلك المحامية، وكيف تجرأت على طرحه معتقدة – حسب رأيها – انها تقدم خدمة جليلة للأم الحضانة وهي في الواقع تطعنها أشد طعنة
فالحضانة بالنسبة للأم هي حبل الوريد الذي يربطها بابنائها لو فصلتها عنهم فصلت عنها روحها. فكيف يعقل اقتراح حرمانها من هذا الحق الذي كفله لها المشرع.، و الغرب و الاعجب ان يأتي الاقتراح من امرأة.. لكن العجب ينجلي عندما نجد ان مثل هذا الاقتراح أو المطالبة يأتي ممن ينتمين لما يسمى ” بالانثوية” والتي تذهب لابعد الحدود في المطالبة بالمساواة مع الرجل في جميع المجالات وتسمح لنفسها بالمطالبة بمثل هذه الأشياء باسم الأم و هي بعيدة كل البعد عن الشعور بالامومة وعما تريده كل ام فعلا، من سمح لها اصلا التكلم باسم الأمهات، وهل جربت لوعة وحسرة كل ام حرمت من صغارها، وهل تساءلت لماذا كانت الأم تحتفظ بحضانتها لابنائها و لماذا كانت تنتقل لام الأم حسب مدونة الأحوال الشخصية سابقا، وضعية – مع الأسف الشديد – غيرت في مدونة الأسرة فجعلت الأم المطلقة تحرم من الحضانة عند زواجها وتنقلها للأب رغم انه هو أيضا متزوج بأخرى غير مبالية بان المحضون سينتزع من أحضان ام هو بأشد الحاجة إليها، أم يستحيل ان تتخلى عنه رغم زواجها، ليلقيه بين يدي امرأة غريبة عنه.
لماذا لم تحتفظ مدونة الأسرة بترك الحضانة تنتقل لام الأم كما كان الوضع عليه في مدونة الأحوال الشخصية سابقا خصوصا و ان المحضون يكون بأشد الحاجة الرعاية و الحنان التي لا يمكن أن يجدها إلا عند الأم و الجدة للأم، الدليل على ذلك الاستثناء الذي نصت عليه مدونة الأسرة باحتفاظ الأم المتزوجة بعد الطلاق باحتفاظها بحضانتها للصغير أو المحضون ذي الاحتياجات الخاصة.