محاكممقالات واراءوطني
الدوق: قراءة في مشروع القانون 23-10 على ضوء قواعد مانديلا.. مساهمة في إصلاح السجون بالمغرب (2)
1- المستجدات الشكلية والاصطلاحية في مشروع قانون 23-10
1-1 على مستوى الشكل:
من ناحية الشكل، انتقلنا من قانون يتكون من 141 مادة و9 أبواب إلى مشروع قانون يقترح 222 مادة ب 7 أبواب فقط. اذن 81 مادة (ما يعادل 57%) أضيفت في مشروع القانون تعبر عن الرغبة في إغناء قانون السجون بإضافات نوعية سيتم ذكرها فيما بعد، ومن جهة أخرى، قلص المشروع عدد الأبواب، نتيجة إعادة ترتيبها، خلاف الصيغة التي كانت في قانون 98-23، كما سنذكر أسفله.
كما تم إعطاء عناوين لأبواب هذا المشروع بشكل معقلن ومتسلسل، تبعا للمهام كما يتم تدبيرها داخل كل قسم من أقسام المؤسسة السجنية. فعدا الباب الأول، الذي خصص لبعض التعريفات، والباب السابع الذي ذكر بعض الاحكام الختامية، نجد الباب الثاني خصص للتدبير الإداري للاعتقال من ضبط قضائي وتصنيف للمعتقلين وتدبير لأموالهم. والباب الثالث خصص لحقوق وواجبات المعتقلين، حيث نجد مثلا الحق في المعلومة والحق الاتصال بالعالم الخارجي والحق في الرعاية الصحية. اما الباب الرابع فقد خصص لبرامج الأنشطة وإعادة الادماج. والباب الخامس للأمن والانضباط. أما الباب السادس فقد خصص للتدابير التشجيعية والرخص الاستثنائية للخروج.
كما يمكن ان نشير انه على مستوى الشكل، تمت الإشارة، ولأول مرة في التشريع السجني، على انه للمعتقلين حقوق، ذكرت بعضها في الباب الثالث. وذلك خلافا لما كان عليه الامر في قانون 98-23، الذي لم يكن يستخدم مصطلح “الحق” عندما يشير إلى الجوانب المتعلقة بإدارة الحقوق الأساسية، حيث كانت صياغات المشرع عبارة عن عرض الخدمات أو وصف “الحق”، عوض ذكره على انه “حق”.
وتجدر الإشارة كذلك، ونحن نذكر ما جاء من مستجدات على مستوى الشكل، إلى تقديم باب الحقوق الأساسية للمعتقلين (الباب الثالث) على باب الأمن والانضباط (الباب الخامس)، وذلك خلافا لما هو عليه الوضع في القانون الحالي للسجون (98-23) الذي قدم الأمن والانضباط على المجالات المتعلقة بالحقوق. وهذا يعتبر نقلة نوعية على مستوى الاهتمام الذي أولاه المشروع للجانب الحقوقي.
فالهدف ليس هو التنقيص من أهمية الأمن والانضباط داخل المؤسسات السجنية، ولكن التنبيه إلى ان حالة الاعتقال هو وضع يجب ان يضمن كل الحقوق الأساسية للمعتقلين.
نجد كذلك ان مشروع القانون قد خصص بابا للتدابير التشجيعية والرخص الاستثنائية للخروج، والتي لم تكن في قانون 98-23 إلا فرعا من فروع الباب الثالث المتعلق بتنفيذ الأحكام. فتخصيص باب لهذا النوع من التدابير ينم على الأهمية التي أعطاها لها المشروع، باعتبارها من وسائل الإدماج للمعتقلين.
مع الأخذ بعين الاعتبار مجهودات التي بذلت في صياغة هذا المشروع، التي أبانت على أن الأهداف المتوخاة منه هو أنسنة الفضاء السجني، وعدم تناقض الحرص على الأمن مع الحرص على توفير الحقوق الأساسية للمعتقلين، فإننا نقدم المقترحات، المتعلقة بالشكل التالية:
– صياغة مشروع القانون صياغة تراعي النوع الاجتماعي، وذلك بتأنيث مجموعة من المصطلحات، كمصطلح “المعتقل” مع إضافة “المعتقلة” أو “الموظف” مع ذكر “الموظفات”، وذكر “الزوجة” عند ذكر “الزوج”، سواء تعلق الأمر بصيغة المفرد أو الجمع.
– اعتبار برامج وأنشطة إعادة الإدماج، والتي جاءت في الباب الرابع من المشروع، من تربية وتكوين مهني ومحو للأمية والتشغيل وكذا البرامج الدينية والأنشطة الثقافية والفنية والرياضية والترفيهية، من الحقوق الأساسية للمعتقلين، كما جاء ذلك في الفقرة السادسة من “مبادئ الأمم المتحدة الأساسية لمعاملة السجناء” التي اعتمدت ونشرت بموجب قرار جمعية الأمم المتحدة 111/45 المؤرخ في 14 دجنبر 1990، وبالتالي إدماجها في الباب الثالث المتعلق بحقوق المعتقلين، وذلك على غرار الحق في الاتصال بالعالم الخارجي او الرعاية الصحية، وباقي ما ذكر في هذا الباب من حقوق أخرى. بهذا يصبح الباب الرابع فرعا من فروع الباب الثالث.
– وضع باب “التدابير التشجيعية” التي جاءت في الباب السادس، مباشرة بعد الباب المتعلق بالحقوق، اعتبارا لما لها من وقع إيجابي على نفسية المعتقلين، وما يمكن ان تساهم به في إدماج السجناء، إذا اخذ بعين الاعتبار مقترحنا السابق.
1-2 على مستوى المصطلحات:
1-2-1 استعمال مصطلحات جديدة
نجد منها:
المعتقل “المؤقت”، الذي جاء تعريفه في المادة 1: ” كل شخص تم إيداعه بالسجن في إطار مسطرة تسليم المجرمين.”
– الاعتقال “التعسفي”، الذي عرفته المادة 23: ” يعتبر إيداع شخص أو الاحتفاظ به بالمؤسسة السجنية دون سند قانوني اعتقالا تعسفيا، ويعرض مرتكبه للعقوبات المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي”.
– القضاء “العسكري” والشرطة “العسكرية”، اللذان ذكرا في المادة 46: ” يرحل المعتقل الاحتياطي بأمر من النيابة العامة لدى المحكمة المختصة التي طلبت مثوله وفقا للقواعد المنصوص عليها في القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية وقانون القضاء العسكري، وينفذ هذا الأمر من لدن القوة العمومية من درك أو شرطة أو شرطة عسكرية حسب الحالة.
يتم صرف نفقات الترحيل المشار إليه في الفقرة الأولى أعلاه طبقا للتشريع المتعلق بالمصاريف القضائية في الميدان الجنائي”.
2-2-1 تغيير تعابير بأخرى ملائمة من الناحية القانونية والمهنية
وهي كالتالي:
– “الإدارة المكلفة” بالسجون التي جاء ذكرها 58 مرة، بدل ” إدارة” السجون التي ذكرت 30 مرة بقانون 98-23.
– “مقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به”، الذي جاء ذكره بالمادة 78 مكان “الحكم القطعي” بالمادة 83 من قانون 98-23.
– “الرعاية” الصحية (الفرع 3 من الباب 3)، عوض “الخدمات” الصحية (الباب 8 من قانون 98-23).
– “وحدة صحية”، التي جاء ذكرها بالفقرة الأولى من المادة 98 عوض “مصحة” التي المستعملة بالمادة 125 من قانون 98-23.
– “حمية غذائية”، التي ذكرت بالمادة 106 مكان “نظام غذائي” بالمادة 126 من قانون 98-23.
3.2.1. استعمال مصطلحات تواكب التطورات العلمية:
مثل:
– “المعطيات الالكترونية”، “الرقمنة”، “الأمن السيبراني” بالمادة 21: ” تتولى الإدارة المكلفة بالسجون وضع وتطوير قاعدة بيانات ومعطيات إلكترونية لرقمنة سجلات الاعتقال ومعلومات المعتقلين بكيفية تدريجية، ويحدد تدبيرها بنص تنظيمي.
مسك المؤسسة السجنية سجلات اعتقال إلكترونية، ويسري عليها ما يسري على السجلات الورقية باستثناء أحكام الفقرة الأولى من المادة 19 أعلاه.
في حالة التعارض بين السجلات الورقية والإلكترونية، تعتمد السجلات الورقية.
تطبـق الإجراءات اللازمة لضـمان حماية سرية وسلامة البيانـات والمعطيات الإلكترونية وفقا للتشريع المتعلق بالأمن السيبراني.”
– “التقنية البيومترية” بالمادة 25: ” يجب أن تدون بسجل الاعتقال بيانات الحالة المدنية للمعتقل، ويتعين على الموظف المسؤول عن الضبط القضائي أن يتأكد من مطابقة الهوية الواردة في سند الاعتقال للوثائق التي يدلي بها المعتقل، وعند عدم وجودها، يتم الاستناد على البيانات التي يصرح بها.
يتم الرجوع فورا إلى السلطة القضائية التي أصدرت الأمر بالإيداع في السجن في حالة عدم التطابق أو الشك في هوية المعتقل.
يجوز التأكد من هوية المعتقل كذلك بالاعتماد على التقنية البيومترية.”
– أوراق التعريف المعتمدة، “البصمات”، بالمادة 27: ” يفتح ملف شخصي لكل معتقل عند إيداعه بالمؤسسة السجنية تضمن به المعلومات الأساسية التالية:
– بيانات هويته بما في ذلك رقم بطاقته الوطنية للتعريف الإلكترونية أو بطاقة إقامته بالنسبة للأجنبي أو جواز السفر وصورته الشمسية وبصماته وفق الإجراءات المعمول بها …”
– “الامراض السارية” transmissible، ذكرت بالفقرة الثانية من المادة 98: ” يعزل المعتقلون المصابون بالأمراض المعدية أو السارية.” عوض “الامراض المعدية” كما هو الحال بالمادة 127 من القانون 98-23.
– “أبحاث بيوطبية”، كما جاء بالمادة 108: ” يمنع إخضاع المعتقلين لأبحاث بيوطبية”، عوض “أبحاث طبية وعلمية” (م 132 ق 98-23).
1- كما هو الحال، على سبيل المثال ب:
– ظروف الإقامة (الضوء الطبيعي والتهوية، الفراش والبطانيات، النظافة، إلخ) في المواد 113 و114.
– الصحة، في المواد 123 إلى 139.
– الأنشطة الرياضية والثقافية، في المواد 115 الى 177.
2- “يحق لكل السجناء أن يشاركوا في الأنشطة الثقافية والتربوية الرامية إلى النمو الكامل للشخصية البشرية” انظر:
https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/basic-principles-treatment-
3- المواد 13، 19، 21، مرتان بالمادة 28، 36، 43، مرتان بالمادة 50، 51، مرتان بالمادة 80، 81، مرتان بالمادة 83، 84، 85، 100، 102، 109، مرتان بالمادة 110، 112، 114، 115، 116، 117، 122، 132، 134، 135، 152، 161، 163، 165، 167، 176، مرتان بالمادة 178، 180، 182، 183، 184، 185، 186، 187، 188، 189، ثلاث مرات بالمادة 201، 202، ثلاث مرات بالمادة 209، 210، 212، 218.
4- المواد 21، 24، 27، 28، 30، مرتان بالمادة 32، 46، 53، 59، مرتان بالمادة 60، 62، 71، 72، 73، 84، 85، 87، 97، 98، مرتان بالمادة 102، 103، 124، 129، 130، 131، 133، 137.
يتبع
عبد الحق الدوق/ خبير في مجال حقوق الانسان في أماكن الحرمان من الحرية ورئيس سابق لقسم حماية حقوق الانسان في أماكن الحرمان من الحرية بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان.