محاكممقالات واراء

الدوق: قراءة في مشروع القانون 23-10 على ضوء قواعد مانديلا.. مساهمة في إصلاح السجون بالمغرب (3)

2- ملاحظات على بعض ما جاء من مستجدات في مشروع 23-10
1.2- التأكيد على المبادئ الأساسية:
ذكر مشروع القانون 23- مجموعة من المبادئ الهامة والأساسية منها:
– عدم المساس بالسلامة الجسدية للمعتقلين ومنع التعذيب بكل أشكاله، وذلك في المادة 63 من المشروع التي أفادت أنه “لا يجوز المساس بالسلامة الجسدية للمعتقل أو معاملته معاملة قاسية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية  ” كما أكدت على ان “ممارسة التعذيب بكافة أشكاله في حق المعتقل، ومن قبل أي كان جريمة يعاقب عليها طبقا لأحكام مجموعة القانون الجنائي.”
– الحق في الرعاية الصحية والعلاج، ومجانية العلاجات، وذلك في المادة 96: ” الحق في
الرعاية الصحية والعلاج مضمون لجميع المعتقلين دون تمييز.
يستفيد المعتقلون المرضى من الخدمات الصحية مجانا داخل المؤسسات السجنية أو المؤسسات الاستشفائية العمومية.”
– توفير ظروف اعتقال إنسانية وآمنة وملائمة للصحة والسلامة، وذلك في المادة 123 يجب أن يتم الاعتقال في ظروف إنسانية وامنة وملائمة للصحة والسلامة.”
– المساوات في الحقوق ومنع التمييز، وذلك في المادة 62 كل المعتقلين متساوون في الاستفادة من حقوقهم الأساسية وملزمون بالامتثال للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
يمنع أي تمييز في المعاملة بين المعتقلين بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة، أو الإعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان.”
– الحفاظ على الأمن، وذلك في المادة 2: ” تسهم المؤسسات السجنية في الحفاظ على الأمن العام وتأهيل المعتقلين لإعادة الإدماج ” وفي المادة 162 يجب الحفاظ على الأمن والانضباط داخل المؤسسة السجنية مع مراعاة ما يستلزمه العيش المشترك وتأهيل المعتقلين لإعادة الإدماج “.
– إعادة الادماج في المادة 2 ” تسهم المؤسسات السجنية في الحفاظ على الأمن العام وتأهيل المعتقلين لإعادة الإدماج.”
سوف نقوم بتحليل هذه المبادئ الأساسية المذكورة بمشروع القانون على ضوء قواعد مانديلا.
*إلا أنه يجدر بنا في هذا المقام أن نقترح بوضع هذه المبادئ في أول أبواب هذا المشروع، مع الأخذ بعين الاعتبار الاقتراحات التي سنوردها فيما يخص كل مبدأ.
1.1.2. عدم المساس بالسلامة الجسدية ومنع التعذيب بكل أشكاله
لقد تم التأكيد على هذا المبدأ في القاعدة الأولى من قواعد مانديلا حيث جاء فيها: ” يُعامل كل السجناء بالاحترام الواجب لكرامتهم وقيمتهم المتأصلة كبشر. ولا يجوز إخضاع أي سجين للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وتوفر لجميع السجناء حماية من ذلك كله، ولا يجوز التذرع بأي ظروف باعتبارها مسوغا له. ويجب ضمان سلامة وأمن السجناء والموظفين ومقدمي الخدمات والزوار في جميع الأوقات”.
ولقد ذكر هذا المبدأ في المادة 63 من المشروع التي أفادت أنه “لا يجوز المساس بالسلامة الجسدية للمعتقل أو معاملته معاملة قاسية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية . ” كما أكدت على أن “ممارسة التعذيب بكافة أشكاله في حق المعتقل، ومن قبل أي كان جريمة يعاقب عليها طبقا لأحكام مجموعة القانون الجنائي.”
* وحتى تعطى لهذه المادة القوة التي جاءت بصيغة المطلق في الفقرة الثانية، نقترح استبدال صيغة “لا يجوز التي استعملت في الفقرة الأولى ب “يمنع”.
2.1.2. الحق فى الرعاية الصحية والعلاج، ومجانية العلاجات
إن الحق في الرعاية الصحية ومسؤولية الدولة في ذلك كان من المبادئ الأساسية التي وردت في قواعد مانديلا، كما جاء ذلك في الفقرة الأولى من القاعدة 24:
1- تتولى الدولة مسؤولية توفير الرعاية الصحية للسجناء. وينبغي أن يحصل السجناء على نفس مستوى الرعاية الصحية المتاح في المجتمع، وينبغي أن يكون لهم الحق في الحصول على الخدمات الصحية الضرورية مجاناً ودون
تمييز على أساس وضعهم القانوني”.
ولقد جاء في المادة 96 من مشروع القانون أن: “الحق في الرعاية الصحية والعلاج مضمون لجميع المعتقلين دون تمييز.
يستفيد المعتقلون المرضى من الخدمات الصحية مجانا داخل المؤسسات السجنية أو المؤسسات الاستشفائية العمومية.”
إلا أننا نلاحظ هذه المادة لم تشر إلى أمر هام ذكر في القاعدة 24 من قواعد مانديلا، ألا وهو حصول المعتقلين على نفس مستوى الرعاية الصحية المتاح في المجتمع“. قد يقول قائل إن إشارة المادة 96 إلى كون العلاجات قد تكون بالمستشفيات العمومية يعني ضمنيا توفير نفس مستوى هذه الرعاية الصحية. فعلا قد تفيد هذه الإشارة جزئيا هذا المعنى، ولكن ليس بالمستوى الذي أرادته القاعدة 24 لأن مكان العلاج ليس هو المحدّد الوحيد لضمان المساواة في تقديم العلاجات، بل يحتاج إلى عنصر آخر، ألا وهو ضمان علاج “دون تمييز على أساس وضعهم القانوني”. وهذا لا يمكن ضمانه إلا بانخراط الأطقم الطبية بالمستشفيات العمومية.
* لهذا نقترح إضافة هذه الصيغة الى المادة 96 ” وينبغي أن يحصل السجناء على نفس مستوى الرعاية الصحية المتاح في المجتمع، كما ينبغي أن يكون لهم الحق في الحصول على الخدمات الصحية الضرورية مجاناً ودون تمييز على أساس وضعهم القانوني “.
3.1.2. توفير ظروف اعتقال إنسانية وآمنة وملائمة للصحة والسلامة
لقد دعت قواعد مانديلا إلى توفير الحد الأدنى من الشروط التي تساعد على خلق ظروف إنسانية أثناء الاعتقال. ولقد عبرت عن ذلك القاعدة 3 بشكل عام وشمولي، حيث جاء فيها: “إن الحبس وغيره من التدابير التي تفضي إلى عزل الأشخاص عن العالم الخارجي تدابير مؤلمة من حيث إنها تسلب الفرد حقه في تقرير مصيره بحرمانه من حريته. ولذلك لا ينبغي لنظام السجون، إلا في حدود مبزرات العزل أو الحفاظ على الانضباط، أن يفاقم من الآلام الملازمة لمثل هذه الحال.”
ولقد عبر مشروع القانون على هذا المبدأ بصيغة واضحة، وذلك في المادة 123 من الفرع الرابع التي ذكرت بأنه يجب ان يتم الاعتقال في ظروف إنسانية وآمنة وملائمة للصحة والسلامة . “
وتجدر الإشارة هنا بأن هذه المادة جاءت بإضافة نوعية لما أضافت مصطلح “إنسانية” الى الظروف بالمقارنة مع قرينتها التي من القانون 98-23 التي جاءت بنفس هذا المبدأ.1
4.1.2. المساوات في الحقوق ومنع التمييز
لقد أكدت قواعد مانديلا على منع جميع الأشكال التمييز، وذلك في القاعدة الثانية التي جاء في فقرتهاالأولى:
1- تطبق هذه القواعد بصورة حيادية. ولا يجوز أن يكون هنالك تمييز في المعاملة بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو المنشأ القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر. وتحترم المعتقدات الدينية والمبادئ الأخلاقية للسجناء.”
لقد جاء ذكر هذا المبدأ في مشروع القانون 23-10 في المادة 62 في الأحكام المشتركة من الباب الثالث المتعلق بالحقوق والواجبات الأساسية للمعتقلين، والتي أفادت من جهة، أن “كل المعتقلين متساوون في الاستفادة من حقوقهم الأساسية وملزمون بالامتثال للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل . ” ومن جهة أخرى أكدت على أنه ” يمنع أي تمييز في المعاملة بين المعتقلين بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة، أو الإعاقة أو أي  وضع شخصي مهما كان”.
وتجدر الإشارة هنا ان المادة 62 من هذا المشروع تتميز عن المادة 251 من قانون 98-23 التي تطرقت إلى موضوع التمييز، وذلك من حيث:
– الصيغة، باعتبارها وردت بصيغة واضحة للمنع المطلق للتمييز في المعاملة في المادة 62 .
– المضمون، باعتبار المادة 62 جاءت بمضمون أدق وأشمل من المادة 51 من قانون 98-23،  حيث استعملت:
– “الجنس” عوض “العرق”.
– “المعتقد” و “الثقافة” عوض “الدين” و “الرأي”.
– “الانتماء الاجتماعي والجهوي” عوض “المركز الاجتماعي”.
كما أن المادة 62 تميزت بإضافة “الإعاقة”. وحتى لا تترك أي مدخل قد يحصل به التمييز أضافت فقرة ” أو أي وضع شخصي مهما كان.”
إلا أنه بالمقارنة مع ما جاء ذكره بالقاعدة 2 من قواعد مانديلا، نجد أن هذه الأخيرة جاءت أكثر تفصيلا، بحيث ذكرت “الدين” وأكدت على احترام “المعتقدات”، كما انها فصلت في “الرأي” سياسيا.كان أم غير سياسي، كما فصلت في التمييز بسبب “المنشأ” قوميا كان أم اجتماعيا أم له علاقة بالثروة أو المولد أو لأي وضع آخر، كما أكدت على احترام المبادئ الأخلاقية.

* لهذ، وفي إطار مناقشة مشروع القانون 23-10 ندعو إلى إضافة كل الاعتبارات التي جاءت مفصلة في القاعدة 2 من قواعد مانديلا.
يتبع
عبد الحق الدوق/ خبير في مجال حقوق الانسان في أماكن الحرمان من الحرية. رئيس سابق لقسم حماية حقوق الانسان في أماكن الحرمان من الحرية بالمجلس الوطني لحقوق الانسان.
1المادة 113 من القانون 98-23 :” يجب أن يتم الاعتقال في ظروف ملائمة للصحة والسلامة”.
2المادة 51 من قانون 98-23: “لا يجول أن يكون هناك تسير في المعاملة بين المعتقلين بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو الجنسية أو اللغة الدين أو الرأي أو المركز الاجتماعي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock