أخباراقتصاد

المغرب ينجز أول محطة شمسية عائمة لتغذية ميناء طنجة المتوسط بالكهرباء النظيفة.

هيئة التحرير

شرع المغرب في تنفيذ مشروع طاقي غير مسبوق يتمثل في إنشاء محطة شمسية عائمة بقدرة 13 ميغاواط فوق سطح سد طنجة المتوسط، في خطوة تقنية مبتكرة تهدف إلى تزويد المركب المينائي طنجة المتوسط بالكهرباء النظيفة، ضمن رؤية وطنية متكاملة للانتقال الطاقي وتعزيز النجاعة البيئية للمرافق الاقتصادية الحيوية.

ويقع سد طنجة المتوسط، المعروف محلياً باسم سد واد الرمل، شرق مدينة طنجة، ويُعد من السدود الاستراتيجية التي توفر موارد مائية منتظمة لصالح عدد من الجماعات الترابية بإقليم الفحص أنجرة. ويُوفر هذا السد شروطاً طبيعية وتقنية ملائمة لتركيب ألواح شمسية عائمة، بفضل استقراره الهيدرولوجي وامتداده السطحي المناسب.

ويعتمد المشروع، الذي يمثل الأول من نوعه على الصعيد الوطني، على تكنولوجيا متقدمة تقوم على تثبيت ألواح شمسية على سطح المياه، ما يسمح بإنتاج الطاقة الكهربائية النظيفة دون الحاجة إلى تعبئة المساحات الأرضية، ويفتح آفاقاً جديدة لاستغلال الموارد الطبيعية بطريقة مستدامة.

ويستهدف هذا الورش تزويد ميناء طنجة المتوسط، الذي يشكل منصة لوجستيكية وصناعية ذات بعد قاري، بجزء من احتياجاته الطاقية عبر مصدر متجدد، مما يعزز موقعه كواجهة اقتصادية تستوفي معايير النجاعة البيئية والتحول نحو الاقتصاد منخفض الكربون.

ويرتبط اختيار هذا النوع من المشاريع أيضاً بأبعاد بيئية أوسع، إذ تُساهم الألواح الشمسية العائمة في الحد من تبخر المياه من سطح السد، وهي الظاهرة التي تكلف المغرب يومياً فقدان أزيد من مليون متر مكعب من المياه، بحسب معطيات صادرة عن القطاع الحكومي المكلف بالتجهيز والماء. ويُعد هذا التوجه جزءاً من مقاربة مندمجة تدمج الأمن الطاقي بالأمن المائي في ظل سياق مناخي شديد التقلب.

ويأتي إطلاق هذا المشروع في إطار تنزيل مضامين الاستراتيجية الوطنية للطاقة، التي تضع ضمن أهدافها بلوغ 52% من الطاقات المتجددة في المزيج الطاقي الوطني بحلول عام 2030، مع التركيز على الابتكار وتثمين الإمكانات الطبيعية للمملكة، خاصة من خلال مشاريع الطاقة الشمسية والريحية والهيدروجين الأخضر.

ويُراهن المغرب من خلال هذا النوع من المشاريع على تأمين استقلالية تدريجية في مجال الطاقة، والتقليص من التبعية للوقود الأحفوري، عبر تعبئة الاستثمارات العمومية والخاصة في المجالات المرتبطة بالتحول الطاقي، لاسيما في الأقاليم التي تحتضن منشآت صناعية أو موانئ كبرى.

ويحمل مشروع محطة سد طنجة المتوسط دلالات إضافية، لكونه يربط بين بنية تحتية مائية، ومنصة مينائية تُعتبر من بين الأكبر في حوض البحر الأبيض المتوسط، ويُجسد هذا الربط منظوراً ترابياً جديداً يقوم على تفعيل التكامل بين الموارد المحلية والحاجيات الاقتصادية الكبرى.

ولم تُعلن بعد التفاصيل التقنية المتعلقة بمدة إنجاز المشروع أو الشركات المكلفة بتطويره، غير أن مصادر متطابقة تؤكد أن المحطة تندرج في إطار برنامج تنفيذي أوسع يهدف إلى تطوير حلول إنتاج الكهرباء بالمواقع المجاورة للمناطق الصناعية والموانئ، بما يُقلص من كلفة النقل والاستهلاك الطاقي، ويُوفر استقلالية تشغيلية للبنيات التحتية الحيوية.

ويُرتقب أن يُحدث هذا المشروع نموذجاً يمكن تطويره في سدود أخرى تتوفر على خصائص هيدرولوجية مشابهة، مما قد يجعل من تجربة طنجة المتوسط منصة مرجعية لتعميم تقنيات الطاقة الشمسية العائمة في المغرب خلال السنوات المقبلة.

ويؤكد هذا الورش، أن التحول الطاقي في المغرب لم يعد مجرد خطاب سياسي أو طموح استراتيجي، بل أصبح مساراً فعلياً يتجسد على الأرض من خلال مشاريع ملموسة تستوعب التحولات المناخية والاقتصادية، وتُعزز موقع المملكة كفاعل إقليمي في إنتاج الطاقة النظيفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock