
هيئة التحرير
تتعزز مؤشرات توجه حاسم داخل أروقة مجلس الأمن الدولي لطي النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، من خلال تثبيت مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة سنة 2007 كحل نهائي ومقبول من الطرفين، يضمن حكمًا ذاتيًا حقيقيًا ضمن السيادة المغربية، ويُعتبر الحل الأكثر جدوى وفق ما تردد صراحة في نص المسودة الأممية المعروضة.
وتقترح المسودة، التي يُرتقب عرضها للتصويت قبل نهاية أكتوبر الجاري، تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة إلى غاية الحادي والثلاثين من يناير 2026، لكنها تُدخل في الوقت ذاته لغة جديدة تُضفي طابعًا نهائيًا على المرجعية السياسية المعتمدة للحل.
ويعرب مجلس الأمن، وفق الوثيقة ذاتها، عن دعمه الكامل للأمين العام للأمم المتحدة ولمبعوثه الشخصي في تسهيل المفاوضات، على أساس المقترح المغربي للحكم الذاتي، الذي وصفه النص بكونه جادًا وموثوقًا وواقعيًا، بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين.
كما تُحيط المسودة علمًا بالدعم الذي عبرت عنه الدول الأعضاء لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وتعتبره الأساس الأكثر مصداقية لحل دائم، مشيرة إلى أن الحل يجب أن يضمن ضمنًا حكمًا ذاتيًا حقيقيًا داخل الدولة المغربية.
وفي بند غير مسبوق، يدعو النص الأطراف إلى الانخراط في المفاوضات دون تأخير أو شروط مسبقة، معتبرًا أن المسار الحالي يجب أن يُفضي إلى تسوية نهائية تُخرج الملف من حالة الجمود.
وتطلب المسودة من الأمين العام تقديم إحاطة إلى مجلس الأمن في غضون ستة أسابيع من تجديد الولاية، على أن تشمل التقدم المحرز في المفاوضات، وتوصيات بشأن مستقبل المهمة الأممية، بما في ذلك إمكانية تعديل طبيعتها أو إنهائها، بناءً على ما تحقق في المسار السياسي.
ولا تتضمن الوثيقة أي إحالة إلى تنظيم استفتاء، كما تتجنب الإشارة إلى تقرير المصير بصيغته التقليدية، وهو ما يُكرس تدريجيًا تحول خطاب مجلس الأمن من إدارة النزاع إلى إغلاقه تحت سقف السيادة المغربية.
وتُعد المسودة الجديدة واحدة من أكثر النصوص وضوحا في ترجيح المبادرة المغربية للحكم الذاتي كمرجعية نهائية للحل، سواء من حيث المفردات المعتمدة أو من حيث هيكلة فقراتها. إذ يشير النص إلى المبادرة بوصفها جهدا جادا وذو مصداقية وواقعية، دون الإشارة إلى أي مقترحات موازية، وهو ما يُسجل انزياحًا عن الصياغات السابقة التي كانت تضع مختلف المبادرات في مرتبة لغوية واحدة.
كما تُكرس الوثيقة التوجه الأممي نحو تجاوز المفاهيم التقليدية التي ارتبطت بالنزاع، إذ تُغفل بشكل صريح مصطلح الاستفتاء، وتتجنب استعمال تعبير تقرير المصير بالصيغة التي كانت تفتح المجال لتأويلات متباينة.
وفي المقابل، تركز على ضرورة التوصل إلى حل سياسي واقعي ودائم ومقبول من الطرفين، وتدعو إلى انخراط فعلي في المفاوضات دون شروط مسبقة، وهو ما يُفهم ضمنًا كإحالة على الأطراف التي لا تزال ترفض المقترح المغربي.
وتبرز أهمية هذه المسودة أيضًا من خلال صياغة فقرة جديدة تطلب من الأمين العام تقديم تقرير سياسي في أجل أقصاه الحادي والثلاثين من يناير 2026، يتضمن تقييمًا لمدى التقدم في العملية السياسية، وتوصيات حول مستقبل بعثة المينورسو. وهي أول مرة يُربط فيها التجديد التقني لولاية البعثة الأممية بأداء الأطراف في المسار التفاوضي، مما يُحول مهمة البعثة من مجرد مراقبة ميدانية إلى ورقة ضغط دبلوماسي.



