أخبارتعليم وتربية

فشل تدريس العلوم الفرنسية في المغرب : أزمة لغوية أم خلل في السياسات التعليمية

هيئة التحرير

في تصريح غير مسبوق، اعترف وزير التعليم المغربي بفشل تجربة تدريس العلوم باللغة الفرنسية، مؤكدًا أن 70% من التلاميذ لا يمتلكون آليات الفهم والاستيعاب بهذه اللغة، وأن أغلبهم لا يفهمون سوى بعض الكلمات. ورغم ذلك، يُفرض عليهم دراسة الرياضيات والفيزياء والكيمياء بلغة أجنبية لا يتقنونها، مما يؤدي إلى عزوفهم عن الدراسة وتفاقم الهدر المدرسي.

الوزير نفسه تساءل بأسى: _”كيغادي يدير؟ من غير يخرج من المدرسة ويمشي يدور فالزنقة!”_ ، في إشارة إلى انسداد الأفق أمام التلاميذ الذين يُجبرون على مسالك لا تناسب قدراتهم اللغوية. هذا الاعتراف يفتح الباب لمساءلة السياسات التعليمية التي تجاهلت الواقع اللغوي والاجتماعي للمتعلمين.

القانون الإطار نصّ على “التناوب اللغوي”، أي تنويع لغات التدريس دون فرض لغة واحدة، مع التأكيد على مركزية اللغة العربية كلغة أساسية للتدريس.

ومع ذلك، تم فرض الفرنسية تحت مسمى “خيار دولي”، وهو ما لم ينص عليه القانون، بل رفضه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في تقاريره.

اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي أداة للفهم والتفكير. تدريس العلوم بلغة لا يفهمها المتعلم يؤدي إلى نتائج كارثية، لا على مستوى التحصيل فقط، بل على مستوى الثقة بالنفس والانتماء للمدرسة. اللغة العربية، المرتبطة باللهجات المحلية، تظل الأقرب إلى وجدان التلاميذ، وهي التي راكمت المدرسة المغربية عبرها خبرات علمية معتبرة.

الحل لا يكمن في الشعارات الفضفاضة، بل في تمكين المتعلم من اختيار اللغة التي يتعلم بها، وتوفير أساتذة مؤهلين لتدريس العلوم بلغات متعددة، على رأسها العربية. كما يجب التفكير استراتيجيًا في الانتقال نحو الإنجليزية كلغة للبحث العلمي، مع دعم الترجمة والنشر، والتخلي التدريجي عن الفرنسية التي لم تعد لغة علم أو تنمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock