من هو الراحل محمد بلقاس النجم الذهبي الذي لم تنجب مثله الساحة الفنية المغربية أبدا
سماح عقيق/ مكتب مراكش
في عالمٍ مليء بالأحاسيس والبهجة ظهر فنانٌ استثنائي مراكشي يُدعى محمد بلقاس، كانت بساطته تنبعث من كل شيء فيه، وحماسه ينبض بالحياة دخل عالم المسرح محملاً بمجموعةٍ من السحر والعاطفة، جمعتها محبة الفرح وحماسه لإسعاد الآخرين، كانت له قدرةٌ فريدة على جعل الناس يشعرون بالارتباط ببساطتهم، فكانت كلماته وأداؤه تتسلل إلى القلوب وتنثر البهجة في كل مكان.
لم يكن محمد بلقاس بالفنان العادي، بل كان يتمتع ببصيرةٍ مدهشة تجاه المراكشيين، احتضن روح المراكشية الفريدة، وتغذى من حنكة الحرفيين الماهرين، الذين استقاهم الإلهام من فنون التقليد الفكاهية والنكت الحية هذا هو السر الذي أدهش الجميع، فكل حوار كوميدي جمع بين بلقاس وصديقه عبد الجبار لوزير كان فريدًا ومباشرًا، بلا تكلف أو تصنع، كانا ينسجان خيوط المرح والضحك في لحظة واحدة معبرين عن فنهما الحقيقي.
كان بلقاس في مقتبل العمر عندما انطلق نجمه الساطع في سماء الفن، انضم إلى صديقه المقرب عبد الجبار لوزير، ومعاً قدما العديد من الأعمال المسرحية المذهلة،”الحراز” و “سيدي قدور العلمي” وغيرها من المسرحيات التي تركت بصمةً في قلوب الجماهير، وكان آخر عمل مسرحي له بعنوان “عباس وبلقاس في لاس فيغاس”، حيث اجتمع مع النجم المصري وحيد سيف لتقديم عرضٍ رائع.
محمد بلقاس، ولد في مدينة مراكش عام 1930، كان ممثلاً مسرحيًا مغربيًا مبدعًا، ينتمي إلى الجيل الأول من المسرحيين المغاربة، الذين أسسوا فن الكوميديا في نهاية الأربعينات، بنى بلقاس سمعته على الفكاهة والسخرية “المرصعة”، حيث أشعل نار البهجة في قلوب الجماهير بفرحته العفوية وخفة دمه.
محمد بلقاس كان أحد أبناء تافراوت ينحدر من أصول أمازيغية، لكنه كان يُعَتَبَر مغربيًا حرًا، يتميز بأدائه الصادق واستقباله الحار للجميع لذا، يرى عشاقه أنه “وضع بصمته على مسرح الضحك والسخرية، وأضاء قلوب الناس بفرحه وسروره الذي استمر رغم مرور الزمن ودخل قلوب الجماهير بفرحته الهادفة والممتعة، التي تنبع من القلب وتصل إلى القلب”.
لم يستطع الطفل محمد بلقاس التحدث بشكل صحيح إلا عندما بلغ الحادية عشرة من عمره ورغم ذلك، كان لديه شغفٌ مبكرٌ بفن الفكاهة، حيث كان يقلد الشخصيات المعروفة في ذلك الوقت مثل نجيب الريحاني وإسماعيل ياسين ويوسف وهبي وبوشعيب البيضاوي وبوجمعة الفرو،. انضم إلى فرقة الأطلس الشعبية في مراكش تحت إشراف المسرحي الكبير عبد الواحد العلوي الحسنين، في فترة زمنيةٍ مبكرةٍ في عصر الاستقلال.
دخل بلقاس عالم المسرح من خلال فرقة “الأطلس”، هذه المدرسة الفنية الكبيرة والأم الوليدة، التي خرجت منها أجيالٌ كبيرة من الممثلين والفنانين، الذين ملأوا عالم المسرح والسينما بإبداعهم المتألق الذي اشتهر في المغرب والعالم العربي.
لم يكن محمد بلقاس مجرد فنانٍ عادي بل كان أسطورةً في إثراء الفكاهة وإشعال الضحكات الجميلة، على خشبة المسرح، بنى مجده ببساطته وخفة دمه ووجهه المشرق، الذي أضاء حتى أبعد الأماكن التي لم تصلها الزمن، اقتحم قلوب الجماهير بفرحته وسعادته الممتعة، التي تنبع من القلب وتصل إلى القلب.