مقالات واراء

الدوق: قراءة في مشروع القانون 23-10 على ضوء قواعد مانديلا.. مساهمة في إصلاح السجون بالمغرب (4)

5.1.2. الحفاظ على الأمن
أكدت قواعد مانديلا على وجوب ضمان الأمن والسلامة داخل المؤسسات السجنية، وخصوصا في الجملة الخيرة من القاعدة الأولى التي جاء فيها: “… ويجب ضمان سلامة وأمن السجناء والموظفين ومقدمي الخدمات والزوار في جميع ع الأوقات “.
ولقد ذكر هذا المبدأ في مشروع القانون 23-10 في المادة 2 من الباب الأول المتعلق بالأحكام العامة التي أكدت على أن المؤسسات السجنية تساهم في “الحفاظ على الامن العام وتأهيل المعتقلين لإعادة الإدماج” ، وكذلك في المادة 162 من الباب الخامس المتعلق بالأمن والانضباط، التي أكدت على” الحفاظ على الأمن والانضباط داخل المؤسسة السجنية مع مراعاة ما يستلزمه العيش المشترك وتأهيل المعتقلين لإعادة الإدماج” .
نسجل هنا أن المشروع في كلا المادتين ربط الحفاظ على الأمن داخل المؤسسات السجنية بتأهيل المعتقلين لإعادة الإدماج وبالتالي من الممكن أن نستنتج أن الحاجة إلى الحفاظ عن الأمن تكون ملحة أثناء تدبير البرامج المتعلقة بتأهيل وإعادة إدماج النزيلات والنزلاء، حيث يكثر التنقل بين أماكن الإيواء والمرافق المخصصة للتعليم والتكوين، وكذا إلى باقي الأنشطة المنظمة داخل المؤسسات السجنية.
كما نلاحظ أن المشروع استعمل صيغتين مختلفتين من حيث التفاعل من أجل الحفاظ على الأمن داخل المؤسسات السجنية. فالمادة 2 اعتبرت المؤسسات السجنية فقط مساهمة في الحفاظ على الأمن داخلها. أما المادة 162 فقد أوجبت الحفاظ على الأمن دون بيان من هو المسؤول على الحفاظ عليه.
إن التساؤل عن ازدواجية التعبير نعتبره مشروعا نظرا لوضوح مشروع القانون 23-10 في تحديد المسؤوليات المتعلقة بالحفاظ على الأمن داخل المؤسسات السجنية، بحيث اعتبر كل موظفي المؤسسات السجنية مسؤولين عن الحفاظ عن الأمن كل من خلال المهام الموكولة إليه، وذلك في المواد 159-161.
فالمادة 159، صرحت من جهة، بأن مدير المؤسسة السجنية مسؤول عن “تطبيق الضوابط المتعلقة بحفظ النظام والأمن داخل المؤسسة “، ويعتبر ” مسؤولا عن كل الحوادث أو … إخلاله بالنظم المعمول بها “، وبالتالي ” يتعرض للمتابعة التأديبية أو الجنائية إذا ثبتت مسؤوليته “. كما أشارت هذه المادة على أن هذه الحكام تجري على كل موظف1.
أما المادة 160 فقد أشارت إلى أن الموظف المسؤول عن الأمن والانضباط رئيس المعقل سابقا، هو المسؤول عن ” تدبير أعمال الأمن والحراسة بالمؤسسة السجنية”.
وأشارت المادة 161 إلى دور منسق الشؤون العامة في ” تتبع الوضع العام بالمؤسسة السجنية وتجميع المعطيات وتوجيهها إلى الإدارة المكلفة بالسجون”.
* وبالتالي، ورفعا لكل لبس نقترح وضع كلمة “تقوم” بدل “تساهم” المذكورة بالمادة 2، كما نقترح الصياغة التالية للمادة 162 ” يساهم الموظفون في الحفاظ على الأمن والانضباط داخل المؤسسة السجنية مع مراعاة ما يستلزمه العيش المشترك وتأهيل المعتقلين لإعادة الإدماج”.
6.1.2. إعادة الإدماج
أكدت قواعد مانديلا في قاعدتها الرابعة على ان الحل لمحاربة الجريمة والحد من حالات العود هو استغلال فترة الاعتقال لإعادة ادماج المعتقلين ولا يتم ذلك الا بتوفير برامج متعددة ومتنوعة، حيث جاء في فقرتها الأولى: ” 1- الغرضان اللذان ترمي إليهما عقوبة الحبس وغيرها من تدابير حرمان الأشخاص من حريتهم، هما بصفة أساسية حماية المجتمع من الجريمة والحد من حالات معاودة الإجرام. ولا سبيل إلى تحقيق هذين الغرضين إلا إذا استخدمت فترة الحبس للوصول حتى أقصى مدى مستطاع، إلى ضمان إعادة إدماج أولئك الأشخاص في المجتمع بعد إطلاق سراحهم، بحيث يتمكنون من العيش معتمدين على أنفسهم في ظل احترام القانون “.
أما الفقرة الثانية فقد قامت بتفصيل لطبيعة البرامج المساعدة على إعادة الادماج: “2- سعياً إلى تحقيق ذلك الغرض، ينبغي لإدارات السجون والسلطات المختصة أن توفر التعليم والتدريب المهني والعمل، فضلاً عن الأشكال الأخرى من المساعدة المناسبة والمتاحة، بما في ذلك أشكال المساعدة ذات الطابع الإصلاحي والأخلاقي والروحي والاجتماعي والصحي والرياضي. وينبغي تقديم جميع هذه البرامج والأنشطة والخدمات بما يتماشى مع مقتضيات المعاملة الفردية للسجناء “.
وقد تكرر ذكر هذه البرامج في القاعدة 92 التي اعتبرت في فقرتها الأولى ضرورة استعمال “جميع الوسائل المناسبة، ولا سيما الرعاية الدينية في البلدان التي يستطاع فيها ذلك، والتعليم، والإرشاد والتدريب المهنيين، وأساليب المساعدة الاجتماعية الإفرادية، والتوجيه المهني، والرياضة البدنية وتنمية الشخصية، تبعاً للاحتياجات الفردية لكل سجين، مع مراعاة تاريخه الاجتماعي والجنائي، وقدراته وملكاته الجسدية والذهنية، ومزاجه الشخصي، ومدة عقوبته، ومستقبله بعد إطلاق سراحه”، من أجل إكساب المعتقلين ” الرغبة في العيش في ظل القانون معتمدين على أنفسهم، وتأهيلهم لتحقيق هذه الرغبة. ويجب أن تكون هذه المعاملة بحيث تشجع احترامهم لذواتهم وتنفي فيهم روح المسؤولية. “، كما جاء في القاعدة 91.
لقد صرح مشروع القانون في المادة 2 أن المؤسسات السجنية تسهم في ” في الحفاظ على الأمن العام وتاهيل المعتقلين لإعادة الإدماج. ” وبالتالي نستنتج ان تأهيل المعتقلين يعتبر من أهم المبادئ التي تقوم عليها إدارة السجون. كما نلاحظ أن هذا المشروع خصص الباب الرابع، المكون من 23 مادة (135
157) لبرامج وأنشطة إعادة الإدماج.
بالإضافة إلى ذلك جاء المشروع ب 13 مادة تشير إلى التدابير المساهمة في إعادة الإدماج، كما هو الشأن في المادة (4) المتعلقة بتصنيف المعتقلين، والمادة 43 التي تشير إلى توزيعهم، والمادة 44 المتعلقة بالترحيل، والمادة 67 التي تتحدث عن علاقة المعتقل بذويه، والمادة 80 التي تتطرق إلى زيارة جمعيات المجتمع المدني، والمادة 94 التي تكلمت عن منع بعض المراسلات التي قد تعرقل إدماج السجين، والمادة 135 التي أشارت إلى أهمية إعداد برامج الادماج، والمادة 135 التي أكدت على طبيعة برامج الادماج، والمادة 140 التي أفادت بتوفير العمل داخل المؤسسات السجنية، والمادة 145 التي أكدت على توفير عمل مناسب، والمادة 162 التي تكلمت عن ضرورة الحفاظ على الأمن والمادة 211 التي أكدت على أهمية التدابير التشجيعية والمادة 213 التي ذكرت منح رخص بالإذن بالخروج.
إلا ان المشروع لم يأت بمادة عامة، في إطار المبادئ الأساسية، تذكر البرامج الأساسية التي تدعم حق الادماج داخل المؤسسات السجنية، كما جاء في الفقرة الثانية من القاعدة 4 من قواعد مانديلا.
* لهذا نقترح تضمين المشروع، في إطار المبادئ الأساسية، ما جاء في الفقرة الثانية من القاعدة الرابعة، والتي ذكرناها في بداية هذا الفصل: ” ينبغي لإدارات السجون والسلطات المختصة أن توفر التعليم والتدريب المهني والعمل، فضلاً عن الأشكال الأخرى من المساعدة المناسبة والمتاحة، بما في ذلك أشكال المساعدة ذات الطابع الإصلاحي والأخلاقي والروحي والاجتماعي والصحي والرياضي. وينبغي تقديم جميع هذه البرامج والأنشطة والخدمات بما يتماشى مع مقتضيات المعاملة الفردية للسجناء “.
يتبع
عبد الحق الدوق/ خبير في مجال حقوق الإنسان في أماكن الحرمان من الحرية. رئيس سابق لقسم حماية حقوق الانسان في أماكن الحرمان من الحرية بالمجلس الوطني لحقوق الانسان.
1المادة 159 “يجب على مدير المؤسسة السجنية تطبيق الضوابط المتعلقة بحفظ النظام والأمن داخل المؤسسة.
يعتبر مدير المؤسسة السجنية مسؤولا عن كل الحوادث أو حالات الهروب الناجمة عن إهماله أو إخلاله بالنظم المعمول بها، ويتعرض للمتابعة التأديبية أو الجنائية اذا ثبتت مسؤوليله.
تسري على الموظف الذي ثبتت مسؤوليته الأحكام المنصوص عليها في الفقرة الثانية أعلاه”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock