مقالات واراء

زيارة الأضرحة والأولياء وأثرها في تشكل الوعي الاجتماعي والسياسي

ابراهيم بنمني/مكتب أكادير

زيارة الأضرحة والاعتقاد في الأولياء والصالحين وكراماتهم من المعتقدات الأكثر شيوعا في الأوساط الاجتماعية عند المجتمعات عامة. ففي المغرب خاصة لا تخلو قرية أو مدينة من ضريح أو مزار حتى سمي ببلد الألف ولي. وبما أن لهذه الظاهرة جذور ضاربة في عمق التاريخ السياسي و الديني فزيارة الأضرحة كمعتقد مغربي قديم لجأ إليه المغاربة من أجل طلب تحقيق الأماني والترويح عن النفس وقضاء الحوائج ارتقى ليصبح جزءا كبيرا من الحياة الروحية للمغاربة إلى درجة تكاد تغطي على التدين. لكن ذلك لا يعني أن المجتمع المغربي ضعيف من ناحية التدين بل استفحال مثل هذه الظاهرة جعلها تعرف انتشارا واسعا بسبب الأمية المرتفعة و التخلف والضعف في توفر حاجيات المواطن المغربي الأساسية كالتعليم والصحة والشغل إلى غير ذلك، مما يسهل عليه البحث في المجهول واللجوء إلى الأسطورة والخرافة بحيث يخلق لكل ولي قصصه الخاصة وكراماته الخارقة التي تتجاوز حدود المعقول أحياناً وتدرج في إطار الأساطير والخرافات. فالاعتقاد بقدرات الأولياء رغم أنهم أموات جعلت هؤلاء المريدين يعولون عليهم في وساطتهم مع الله للاستجابة لهم عن طريق ممارسة طقوس الشعوذة وشرعنة حركات ورقصات خاصة وقراءة الطالع وفك السحر. كل ذلك يؤدي لا محالة إلى التفكك الأخلاقي والمجتمعي وخلق هوة شاسعة تتجاوز حدود المعقول. بين المجتمعات التي تبحث وتنقب عن الجديد في عالم الثقافة والعلوم والتكنولوجيا التي تخدم الإنسانية لمعرفة سر الكون من جهة، وبين من تعتمد على الاتكالية والتكاسل وإعادة إنتاج الجاهلية بزيارة الأضرحة والتبرك بالأحجار والتماثيل وتقبيل التراب والجماد ، وذبح القرابين والبكاء والعويل عند الأولياء والأضرحة من جهة أخرى كمجتمعنا المغربي.
فللحد من انتشار هذه المعضلة يجب على الدولة عدم تبني إستراتيجية وسياسية الدعم المباشر أو غير المباشر لهذه الزوايا والأولياء عن طريق منح هبات نقدية للمهرجانات السنوية للعديد من الزوايا والأولياء التي غالباً ما يتم افتتاحها من قبل السلطات المحلية بالإضافة إلى المساعدة في تنظيم وتأمين ما يعرف في المغرب بـ “المواسم”، كذلك الإعلام يجب ألا يلعب دوراً كبيراً في الترويج لها عن طريق برامج تعريفية بالزوايا أو متابعة احتفالياتها السنوية في فترات إحياء داخل الزوايا أو الأضرحة.
ففي إطار التطور الطبيعي للمجتمعات وفي إطار العولمة والانفتاح على الآخر، يجب على المجتمع المغربي أن يطور نفسه بفضل العديد من المتغيرات الراهنة والتي لها تأثير في تراجع دور الأضرحة في حياة الأفراد، إلى أن نسير نحو نهاية هذه الظاهرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock