قصة قصيرة : أركانة
محمد نشوان/ مكتب مراكش
ليس كل سقوط نهاية فسقوط المطر أجمل بداية… المهاتما غاندي.
ويبدأ العد التنازلي، وانفجار عنيف يهز جامع الفنا، الكل يهرول ناحية مصدر الصوت، أجسام تناثرت في فضاء الساحة، غير بعيد عن سوق البهجة وسوق الجديد، ورائحة كبريتية قوية انبعثت من مكان الانفجار، وغبار يتصاعد نحو الأعلى وكأنه يريد معانقة السماء…
صراخ وعويل طابور من الدراجات والمارة، الكل واقف لمعرفة السبب والمسبب. أجسام تطل من هنا وهناك، وأخرى تحت الأنقاض، وثالثة تحاول أن تنجو ، آلات التصوير تلتقط كل كبيرة وصغيرة من الأمام والخلف ومن مختلف الزوايا ناس تجلس بكل حزم على كراسي مقاهي الساحة، المنتشرة كفطر بري، تتطلع وبكل فضول لتعرف كل شيء، لم يكن من السهل تصديق ما وقع، ليبدأ نسج ألف حكاية وحكاية…
الكل يتحدث في هذا الخميس الأسود عن أركانة.
قنينات غاز، قنبلة موقوتة، انفجار عن بعد، عملية انتحارية…الكل يحلل، يجتهد، يود أن يكون سباقا لمعرفة ما جرى…
الأول: عشرون في عداد الموتى، دون احتساب الجرحى.
الثاني: أظن أن العدد أكثر، لقد كان انفجارا عنيفا ومفاجئا…
الأول: دائما يكون الانفجار عنيفا ومفاجئا…
الثاني: يقول العارفون ببواطن الأمور، أن سبب الانفجار قنينة غاز من الحجم الكبير …
قاطعه الأول: أظن أن صوت الانفجار يفوق…
لم يكمل حديثه بسبب صوت ضجيج صفارات الإنذار، المنبعثة من سيارات الإسعاف والشرطة، والتي أظهر وجودهاـ وبهذا الشكل المبالغ فيه ـ أن المكان يشهد لحظة استثنائية وتاريخية.
في الساحة، ساحة جامع الفنا وفي مساء يوم الانفجار، يقف باريز الحكواتي المعروف وعصاه في يده، وجمهور حلقته يتابعه بكل اهتمام يروي كيف أنه كان شاهد عيان:
الانفجار يا سادتي يا كرام كان مثل زلزال هز الأرض من تحت أقدامنا، وليس غريبا أن يسقط المقهى أو أن تسقط البيوت فوق رؤوسنا، ولكن الغرابة أن تسقط الأجسام من حولنا ونحن نكتفي بالفرجة والدهشة…
وفي الحلقة المجاورة، وفي ليلة الانفجار، تسمع مقطعا من أغنية شعبية تؤديها مجموعة شبابية هذا مطلعها:
ماهموني غير الرجال ايلا ضاعو
والحيوط ايلا رابو كلها يبني دار…