مقالات واراء

الدوق: قراءة في مشروع القانون 23-10 على ضوء قواعد مانديلا.. مساهمة في إصلاح السجون بالمغرب (16)

عبد الحق الدوق

10.2. الفئات في وضعية هشاشة

1.10.2. حقوق النساء السجينات:

جاء مشروع القانون 23-10 بعدة مقتضيات ذات أهمية بالغة فيما يتعلق بظروف اعتقال النساء ومعاملتهن داخل المؤسسات السجنية. جزء منها كان مشار إليه في قانون 98-23 أكد عليها هذا المشروع في المواد 14، 15 و113، سنذكرها إليها لاحقا.

إلا أنه لابد من الإشارة إلى ملاحظة أساسية قبل الدخول في التفاصيل، وهي ان هذا المشروع لم يهتم بالسجينة كامرأة إلا من خلال المرافق الخاصة بها داخل المؤسسة السجنية، كمكان إيواء السجينات (في المادة 14)، أو فيما يتعلق بمهنيي الصحة بأماكن اعتقال السجينات (المادة 113). وكل المستجدات، المتعلقة بالسجينات التي جاء بها، فكلها مرتبطة بكون السجينة حاملا أو مرضعة أو مرفقة بطفل (المواد 15، 101، 119، 126، 176، 199، 207)، وهي كلها مقتضيات مهمة، يجب تثمينها.

وبالتالي، يمكننا القول بأن هذا المشروع قد غفل بشكل قطعي حقوق السجينة كامرأة وكون هذه الأخيرة لها خصوصيات يجب أخذها بعين الاعتبار. كما يمكن أن نقول ان المشروع بكل طموحاته ومع ما جاء به من مستجدات، لم يخلق قطيعة مع ما كان عليه الأمر في قانون 98-23، فيما يتعلق بحقوق السجينة كامرأة.

سنقوم في البداية بجرد المواد ذات الصلة، مع تسجيل بعض الملاحظات، ثم سنشير إلى ما غفِله المشروع من حقوق السجينة دون ربطها بوضعية الحمل أو الرضاع أو كمرفقة لطفل.

1.1.10.2. ما جاء في المشروع بخصوص السجينات:

فتخصيص أماكن لاعتقال السجينات جاء في المادة 14: “يتم إيداع النساء والرجال المعتقلين في مؤسسات سجنية خاصة بكل فئة، وإذا كانت مؤسسة سجنية مخصصة لاستقبال معتقلين من الجنسين، وجب فصل الأماكن المخصصة للنساء عن الأماكن المخصصة للرجال، ويعهد بحراسة الأماكن المخصصة للنساء إلى الموظفات.

لا يجوز للرجال، بمن فيهم مدير المؤسسة السجنية والعاملين بالمؤسسة السجنية، الدخول إلى الأماكن المخصصة للنساء إلا عند الضرورة، ويجب عليهم في هذه الحالة أن يكونوا مصحوبين على الأقل بإحدى الموظفات[1]. ” وتعتبر هذه المادة متلائمة مع القاعدة 11 من قواعد مانديلا وكذلك مع القاعدة 81.[2]

اما بخصوص موضوع مهنيي الصحة المكلفين بالسجينات فقد جاء ذكره بالمادة 113:” يجب أن يكون مهنيو الصحة العاملون بالأماكن أو بالمؤسسات السجنية المخصصة للنساء من الإناث، وإذا تعذر ذلك، وجب القـيام بالفحوص والعلاجات الطبية بحضور موظفة[3]”

2.1.10.2. ما جاء في المشروع بخصوص السجينات الحوامل والمرضعات والمرفقات:

كما أشرنا أعلاه، فأن هذا المشروع جاء بعدة مستجدات مهمة، ترتبط بوضع السجينة كحامل او مرضعة أو مرفقة بطفل، نذكرها كالتالي:

– من حيث تخصيص أماكن، في المادة 15: “تخصص أماكن للأمهات المعتقلات المرفقات بأطفالهن ودور للحضانة بالمؤسسة السجنية أو في الأماكن المخصصة للنساء، حسب الإمكانيات المتوفرة[4].” وفي المادة 119: ” تستفيد المعتقلات الحوامل والمرفقات بأطفالهن ﻤﻥ نظام اعتقال ملائم لوضعيتهن.”

* باعتبار ضرورة توفير أماكن خاصة للسجينات الحوامل والمرضعات والمرفقات، كما عبرت عن ذلك بوضوح المادة 119، فإننا نقترح إلغاء عبارة “حسب الإمكانيات المتوفرة” التي جاءت في آخر المادة 15.

– من حيث الاستفادة من الفحوص الطبية، في المادة 101: “يجب أن يقوم الطبيب بفحص يشمل: “…المعتقلات الحوامل والأطفال المرافقين لأمهاتهم بالسجن.”

– من حيث التتبع الصحي، في المادة 118: ” تتخذ الترتيبات اللازمة لتمكين المعتقلات الحوامل من التتبع الصحي المنتظم ومن الولادة في المؤسسات الاستشفائية العمومية.

يجوز منح المعتقلات الحوامل رخصا استثنائية قصد الولادة طبقا لأحكام المواد 214 و215 و216 من هذا القانون.

إذا تمت الولادة داخل المؤسسة السجنية، يصرح المدير بالولادة طبقا للتشريع المتعلق بالحالة المدنية.

لا يشار برسم الولادة إلى اعتقال الأم.”

وهذه المادة تتلاءم مع القاعدة 28 من قواعد مانديلا التي جاء فيها: ” تُزوَّد سجون النساء بـالمرافق الخاصـة الـضرورية لتـوفير الرعايـة والعـلاج قبـل الـولادة وبعـدها. وتُتَّخذ، حيثما أمكن، ترتيبات لولادة الأطفال في مستـشفى خـارج الـسجن. وفي حالـة ولادة طفلٍ داخل السجن، لا يُسجَّل ذلك في شهادة الميلاد.”

– من حيث الاستفادة من نظام غذائي ملائم، في المادة 126: ” تتكفل إدارة المؤسسة السجنية بتوفير الماء الصالح للشرب وبتغذية المعتقلين وفق نظام غذائي متوازن يستجيب لضرورة الحفاظ على صحتهم.

يشتمل نظام التغذية على ثلاث وجبات يومية تحدد كميتها ونوعيتها بنص تنظيمي.

تحدد، بعد استشارة طبيب المؤسسة السجنية، أنظمة غذائية خاصة بالمعتقلين المرضى والنساء الحوامل والمرضعات والرضع والأطفال المرافقين لأمهاتهم.”

– من حيث منع وضع الأصفاد، في المادة 176: ” … يمنع وضع الأصفاد للنساء أثناء المخاض والولادة وبعد الوضع مباشرة.”، وهذا ما أكدت عليه الفقرة 2 من القاعدة 48 من قواعد مانديلا: ” لا تُـستخدم أدوات تقييـد الحرِّيـة البتَّـة مـع النـساء أثنـاء المخـاض وأثنـاء الـولادة وبعـد الوضع مباشرة.”

– من حيث عدم تطبيق نظام العزلة الوقائي، في المادة 199: ” يجوز لرئيس لجنة التأديب، بصفة احتياطية، ودون انتظار اجتماع اللجنة، أن يقرر وضع المعتقل في العزلة كإجراء وقائي ولمدة لا تتعدى 48 ساعة شريطة أن يكون هذا الإجراء هو الوسيلة الوحيدة لوضع حد للمخالفة، أو لحفظ الأمن والنظام داخل المؤسسة السجنية بعد إشعار الإدارة المكلفة بالسجون والسلطة القضائية المختصة.

تخصم مدة وضع المعتقل في العزلة المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه من مدة التدبير التأديبي الصادر في حقه بالوضع في زنزانة التأديب.

لا تطبق أحكام هذه المادة على الأحداث والنساء الحوامل والمرضعات والمرفقات بأطفال.”[5]

– من حيث عدم الوضع بالزنزانة التأديبية، في المادة 207: ” لا يطبق تدبير الوضع بزنزانة التأديب على المعتقلين الأحداث والنساء الحوامل والمرضعات والمرفقات بأطفال[6].”

وهذا ما أشارت إليه الفقرة 2 القاعدة 45: ” يحظر فرض الحبس الانفرادي علـى الـسجناء ذوي الإعاقـة العقليـة أو البدنيـة إذا كـان من شأن هذه التدابير أن تؤدي إلى تفاقم حالتـهم. وينطبـق حظـر اسـتخدام الحـبس الانفـرادي والتــدابير المماثلــة عنــدما يتعلــق الأمــر بنــساء أو أطفــال، علــى النحــو المــشار إليــه في معــايير الأمم المتحدة وقواعدها في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية”

3.1.10.2. الحقوق الأساسية للنساء السجينات:

* أخذا بعين الاعتبار كل ما ذكرناه بخصوص وضعية الهشاشة، وكون فئة النساء السجينات إحدى الفئات التي تعاني من ظروف الاعتقال، نقدم مجموعة من المقترحات مستلهمة من الأمم المتحدة لمعاملة السجينات والتدابير غـير الاحتجازيـة للمجرمات (قواعد بانكوك)[7]، وهي كالتالي:

* تضاف إلى المادة 104: ” المواكبة النفسية للنساء السجينات”

تضاف مادة خاصة بالنظافة الشخصية للنساء السجينات، كما جاء ذكرها بالقاعدة 5 من قواعد بانكوك: “يجب أن توفر للسجينات في أماكن إيوائهن المرافق والمواد الضرورية لتلبية احتياجـاتهن الخاصـة من حيـث النظافـة الشخـصية، بمـا في ذلـك الحفاضـات الـصحية مجانـا والإمـداد بالميـاه بـصورة منتظمة لأغراض العن اية الشخصية للأطفـال والنـساء، ولا سـيما النـساء اللـواتي ي قمـن بأعمـال الطهي والحوامل أو المرضعات أو اللواتي يجيئهن الحيض.”
* تضاف مادة تتعلق بتفتيش النساء السجينات، كما جاء ذكرها في القاعد 19 من قواعد بانكوك:

” تتخـذ التــدابير الفعالـة لكفالــة حمايــة كرامـة الـسجينات واحتــرامهن أثنـاء عمليـات التفتــيش الجـسدي الـتي لا تجريهـا سـوى موظفـات تلقـين التـدريب المناســب علـى اســتخدام أسـاليب التفتيش الملائمة ووفقا لإجراءات التفتيش المقررة[8].”

* تضاف مادة تتعلق بضم نساء إلى هيئات رصد ظروف اعتقال السجينات، كما ورد في الفقرة 3 من القاعدة 25 من قواعد بانكوك:

” من أجل رصد الظروف المتعلقة باحتجاز ومعاملة الـسجينات، تـضم هيئـات التفتـيش

أو الهيئات المعنية بالزيارات أو الرصد أو هيئات الإشراف أعضاء من النساء.”

* تضاف مادة تتعلق بالسجينات القاصرات، كما ورد في القاعدتين 36 و37 من قواعد بانكوك:

” تتخذ المؤسسة السجنية التدابير لتلبية احتياجات السجينات القاصرات من الحماية. تهيأ للسجينات القاصرات نفس فرص التعليم والتدريب المهني المتاحة للسجناء القصر.”

يتبع

عبد الحق الدوق/ خبير في مجال حقوق الانسان في أماكن الحرمان من الحرية. ورئيس سابق لقسم حماية حقوق الانسان في أماكن الحرمان من الحرية بالمجلس الوطني لحقوق الانسان

[1] المادة 4 من قانون 98-23

[2] القاعدة 11: ” توضَع فئات السجناء المختلفة في مؤسسات مختلفـة أو أجـزاء مختلفـة مـن المؤسـسات مـع مراعـاة جنسهم وعمرهم وسجل سوابقهم وأسباب احتجازهم ومتطلبات معاملتهم. ومن أجل ذلك: (أ) يُسجن الرجال والنساء، بقدر الإمكان، في مؤسـسات مختلفـة. وحـين تكـون هنـاك مؤسـسة تـستقبل الجنـسين علـى الـسواء، يتحـتَّم أن يكـون مجمـوع الأمـاكن المخصَّـصة للنساء منفصلاً كليا؛”

القاعدة 81: ” 1- في الـسجون الـتي تُـؤوي الـذكور والإنـاث معـاً، يوضـع القـسم المخـصَّص للنـساء مـن مبنى السجن تحت رئاسـة موظفـة مـسؤولة تُـؤتَمن علـى مفـاتيح جميـع أبـواب هـذا القـسم مـن السجن.

2- لا يجـوز لأيٍّ مـن مـوظفي الـسجن الـذكور أن يـدخل قـسم النـساء مـا لم تـصحبه في ذلك موظفة أنثى.

3- تكون مهمة حراسة الـسجينات والإشـراف علـيهن مـن اختـصاص موظفـات الـسجن من النساء حصراً. علـى أنَّ هـذا لا يمنـع المـوظفين الـذكور، ولا سـيما الأطبـاء والمعلِّمـين، مـن ممارسة مهامهم المهنية في السجون أو أقسام السجون المخصَّصة للنساء.”

 

[3] المادة 125 من قانون 98-23

[4] المادة 34 من قانون 98-23

[5] المادة 58 من قانون 98-23: ” …لا تطبق مقتضيات هذه المادة على الأحداث.”

[6] المادة 56 من قانون 98-23: ” … لا يطبق تدبير الوضع بزنزانة التأديب على الأحداث.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock