مقالات واراء

ريم شباط أمام لجنة الأخلاقيات بالبرلمان .. بين السياسي والقانوني

الدكتور خالد بوشمال / أستاذ جامعي

تثير مداخلة النائبة البرلمانية ريم شباط المتعلقة بالنقل الحضري بمدينة فاس وجواب السيد رئيس مجلس النواب السيد رشيد الطالبي العلمي بإحالة النائبة على لجنة الأخلاقيات نقاشا سياسيا وقانونيا، لكنني سأدع النقاش السياسي جانبا لأركز على ما يستدعيه ذلك من نقاش قانوني فقط.
من خلال مداخلتها ليس هناك بتاتا ما يستدعي إحالة هذه النائبة على لجنة الاخلاقيات لاعتبارات عدة وبناء على مقتضيات دستورية وقانونية:
أولا: المقتضيات الدستورية
الفصلين 135 و141 من الدستور ليس بمقتضياتهما ما يمنع مناقشة القضايا الجماعية بالبرلمان ولا أرى ما الذي دعى السيد رئيس مجلس النواب للاستناد عليهما فالفصل135يعتبرالجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات .كما يضيف أن الجماعات الترابية أشخاص اعتبارية، خاضعة للقانون العام، تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية وتنتخب مجالس الجهات والجماعات بالاقتراع العام المباشر.
كما أن الفصل 141ينص على أن الجهات والجماعات الترابية الأخرى تتوفر على موارد مالية ذاتية، وموارد مالية مرصودة من قبل الدولة.وكل اختصاص تنقله الدولة إلى الجهات والجماعات الترابية الأخرى يكون مقترنا بتحويل الموارد المطابقة له.
ثانيا: المقتضيات المتعلقة بالقانون التنظيمي للجماعات
مرفق النقل العمومي الحضري هو من المرافق والتجهيزات العمومية الجماعية حسب المادة 83 من الفصل الثاني من القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بالجماعات حيث تقوم الجماعة بإحداث وتدبير المرافق والتجهيزات العمومية اللازمة لتقديم خدمات القرب في مجموعة من الميادين منها مرفق النقل العمومي الحضري ولايمكن تنفيذ مقرر احداث هذا المرفق وتحديد طريقة تدبيره إلا بعد التأشير عليه من قبل عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه ، داخل أجل عشرين (20) يوما من تاريخ التوصل بهذا المقرر من قبل رئيس المجلس كما أن مقرر المتعلق بتدبير تفويض هذا المرفق يؤشر عليه من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية. وبالتالي فان مهام وزارة الداخلية كقطاع حكومي تخضع للمراقبة من قبل مجلس النواب في إطار مهمة مراقبة البرلمان لعمل الحكومة المنصوص عليها بمقتضى الفصل 70من الدستور وبالتالي فان اثارة او نقاش مرفق النقل العمومي الحضري يدخل في صلب مهمة البرلمان الرقابية وليس فيه أي تخل في اختصاصات مؤسسات أخرى كما ادعى رئيس المجلس
ثالثا: جواب وزير الداخلية بمجلس المستشارين
أجاب السيد وزير الداخلية يوم الثلاثاء 25 يناير 2025 بمجلس المستشارين على أسئلة بعض المستشارين المتعلقة بالنقل العمومي الحضري من خلال اثارة الانتباه لوضعية هذا المرفق في علاقته بالاستحقاقات الرياضية التي تنتظرها بلادنا ولم يوقف قط رئيس الجلسة المستشارين بدعوى تجاوز اختصاصات المجلس، وأعلن خلال هذه الجلسة بمجلس المستشارين السيد وزير الداخلية، عن وضع برنامج جديد للنقل الحضري بواسطة الحافلات للفترة 2025-2029، “يشكل قطيعة مع كل التجارب السابقة” كما أوضح ، أن الكلفة الإجمالية للاستثمارات المخصصة لهذا البرنامج تبلغ 11 مليار درهم، تخص 37 سلطة مفوضة وتهم كافة مكونات التدبير المفوض من اقتناء 3746 حافلة. حيث “تقوم الدولة بشراء الحافلات بمواصفات عالية والتكفل بها”، فيما ستؤول مهمة التسيير للشركات، والتكفل الشامل بكل مكونات الاستثمار مع اعتماد أساليب حديثة وعصرية لتتبع العقود كالمنصات الرقمية، مبرزا أن هذا البرنامج يروم توفير خدمات مستدامة وعالية الجودة للمرتفقين.
وأكد الوزير أنه تم إصدار طلبات العروض الخاصة بهذا البرنامج في مدن فاس ومراكش وطنجة وتطوان وأكادير وبنسليمان لشراء 1317 حافلة سيتم تشغيل العدد الأكبر منها قبل متم السنة الجارية، مشيرا إلى أن فتح الأظرفة الخاصة بطلبات العروض هاته سيتم في 15 مارس المقبل، بغاية تشغيل مجموع هذه الحافلات في أفق 2026، مشددا على أن هذا البرنامج سيشكل تحولا محوريا في مجال النقل داخل المدن. ومن خلال هذا الجواب المستفيض يتبين أن مرفق النقل الحضري هو شأن حكومي وهو مرفق جماعي ووطني أيضا وبالتالي فإن الادعاء بكون ما أثارته السيدة النائبة يدخل في اختصاصات مؤسسات أخرى هو ادعاء يجانب الصواب
رابعا: الإحالة على لجنة الاخلاقيات
لجنة الأخلاقيات البرلمانية لجنة تم احداثها طبقا لمقتضيات المادة 68 1 من القانون الداخلي لمجلس النواب لدى مكتب مجلس النواب في مستهل كل فترة نيابية وفي منتصفها وهي لجنة خاصة بتتبع تطبيق مدونة الأخلاقيات البرلمانية
تقوم ب:
– التحقق من المخالفات التي قد يرتكبها أحد أعضاء المجلس والمحددة في هذه المدونة وتحيط مكتب المجلس بها علما؛
– ترفع توصياتها بشأن كل وضعية معروضة عليها لمكتب المجلس الذي تعود له مهمة ضبط ومراقبة احترام مدونة الأخلاقيات
وقد حددت قواعد وضوابط السلوك والأخلاقيات البرلمانية فيما يلي:
يتوجب حسب المادة 391 من النظام الداخلي لمجلس النواب على النائبات والنواب التقيد بالأحكام المتعلقة ب:
– التصريح بكل تناف مع عضويتهم بمجلس النواب.
– الحضور في أعمال اللجان والجلسات العامة وأنشطة المجلس المختلفة
– الإدلاء بالتصريح بالممتلكات
– الامتناع عن استعمال بيان الصفة النيابية في العمليات الإشهارية
– التصريح بكل نشاط مهني جديد
– عدم التخلي عن الانتماء السياسي أو الفريق أو المجموعة النيابية
– التصريح لمكتب المجلس بالهدايا التي يحصلون عليها بمناسبة قيامهم بمهام رسمية، وإيداعها بمتحف المجلس.
كما يتعين وفقا لمقتضيات المادة 392 على النائبات والنواب ارتداء لباس يتناسب مع الاحترام الواجب للمجلس والامتناع عن استعمال الهاتف أو الانشغال بقراءة الجرائد والمجلات أو ما شابه ذلك أثناء سير الجلسات العامة وداخل اجتماعات اللجان الدائمة. وكذا يمنع عليهم تناول الأطعمة والوجبات الغذائية داخل قاعة الجلسات العامة، والتدخين داخلها وداخل قاعات اجتماعات اللجان النيابية.
كم لا يحق للنائبات والنواب حسب المادة 393 استعمال أو تسريب معلومات توجد في حوزتهم بصفة حصرية حصلوا عليها بمناسبة ممارسة مهامهم النيابية بهدف تحقيق مصلحة شخصية أو مصالح فئوية معينة.
وكل نائبة أو نائب له وفقا لمقتضيات المادة 394 مصلحة شخصية ترتبط بمشروع أو مقترح قانون أو لجنة نيابية لتقصي الحقائق أو مهمة استطلاعية مؤقتة أو مجموعة موضوعاتية مؤقتة، يوجد في حالة تضارب مصالح قد تؤثر على تجرده أو استقلاليته، يخبر بذلك رئيس مجلس النواب قبل الشروع في مناقشة مشروع أو مقترح قانون أو القيام بمهمة البحث والتقصي أو مهمة استطلاعية مؤقتة أو مجموعة موضوعاتية مؤقتة أو طرح القضايا المرتبطة بتضارب المصالح.
ويقوم رئيس الجلسة بتذكير كل عضو خالف هذه المقتضيات، وفي حالة عدم الامتثال لهذا التذكير يوجه للعضو المعني تنبيها شفويا، ويرفع الأمر لمكتب المجلس الذي يحيله على لجنة الأخلاقيات لتقترح بشأنه القرار المناسب وفق مقتضيات هذا النظام الداخلي. في قراءة لمقتضيات مواد القانون الداخلي سواء المتعلقة منها بإحداث لحنة الاخلاقيات او تلك المتعلقة قواعد وضوابط السلوك والأخلاقيات البرلمانية يتبين أن تجاوز الاختصاصات الذي صرح به رئيس الجلسة لايرد ضمن الخروقات المتعلقة بقواعد وضوابط السلوك البرلماني كما أن رئيس المجلس كان عليه التصريح ومن الناحية المسطرية على أن الأمر سوف يتم إحالته على مكتب المجلس الذي تعود له الصلاحية لعرضه على لجنة الاخلاقيات لتتخذ القرار المناسب في مثل هذه الحالات
إحالة النائبة البرلمانية ريم شباط من قبل رئيس مجلس النواب على لجنة الأخلاقيات البرلمانية هو خرق للمقتضيات القانونية وخرق مسطري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock