قراءات متقاطعة في الخطاب الملكي بمناسبة ثورة الملك والشعب
بقلم : عبد الكريم التيال / سطات/ يسبريس7
لا احد ينكر التطور الكبير الذي عرفته الخطابات الملكية في عهد جلالة الملك محمد السادس، حيث أصبحت كل الخطابات تتميز بجرأة سياسية غير مسبوقة في التعاطي مع المستجدات الكبرى التي تعرفها الحياة السياسية ببلادنا . و لم يخرج خطاب الليلة عن هذا السياق الجديد المتسم بالموضوعية في التحليل و المزاوجة بين السياسة الخارجية و ضرورة تقوية الجبهة الداخلية و توفير شروط ظهور اثر النجاحات الخارجية على مستوى السياسات العمومية داخل وطننا. كما تميز خطاب اليوم بالرسائل الصريحة للمحيط الخارجي للمغرب و قد عبر عن ذلك الخطاب الملكي من خلال الفقرة التالية ” وأمام هذه التطورات الإيجابية، التي تهم دولا من مختلف القارات، أوجه رسالة واضحة للجميع : إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.
أولا : قضية الصحراء المغربية مقياس الصداقات والشراكات
الفقرة المذكورة سابقا توضح بجلاء أهمية القضية العادلة للمغرب بخصوص الصحراء المغربية، في تحديد التوجهات العميقة للعلاقات الدولية للمغرب، خصوصا في ظل التحولات الكبرى التي يعرفها هذا الملف. وبالأساس الموقف الأمريكي والذي يعتبر موقف عمق الدولة الامريكية، وهو توجه غير خاضع للتغيرات الظرفية. وعلى نفس المنوال اتخذت الجارة الأوروبية اسبانيا موقفا مشابها، وبحكم التاريخ والجغرافيا السياسية، يعتبر موقف اسبانيا مؤثرا بشكل كبير في مسار المقترح المغربي للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية في إطار السيادة الكاملة للمملكة المغربية على كامل ترابها، بحكم معرفة اسبانيا بكل تفاصيل القضية وحيثياتها.
ثانيا: رسالة قوية وصريحة من اجل توضيح المواقف
ان الرسالة القوية والصريحة للخطاب الملكي بخصوص توضيح الموقف من قضية الصحراء المغربية، لا تعني دولة بعينها بقدر ماهي رسالة الى كل اشخاص العلاقات الدولية، والقانون الدولي ومنها تلك التي دعمها المغرب في كثير من المحطات في قضاياها العادلة، لان الشراكة لا يمكن ان تنتعش الا في ظل وضوح المواقف وبناء جسور الثقة المتبادلة بين كل الأطراف.
ثالثا: قضية الصحراء المغربية دينامية دولية وتحولات جوهرية
كان الخطاب فرصة مناسبة لرصد الدينامية الكبيرة التي يشهدها ملف الصحراء المغربية على مستوى كل انحاء العالم. بما فيها أوروبا، افريقيا، الخليج العربي، أمريكا اللاتينية والكاريبي مما لا يدع مجالا للشك حول مصداقية المقترح المغربي والإرادة الصادقة لدولة المغرب لحل النزاع المفتعل.
مغاربة العالم: مواطنون في خدمة الوطن ووطن من اجل مغاربة العالم
لم يكتفي الخطاب الملكي الليلة بالإشادة بالدول الصديقة التي اختارت الاصطفاف الى جانب المغرب في الدفاع عن وحدته الترابية، بل أشاد بمغاربة العالم الذين يبدلون جهدا كبيرا في الدفاع عن وطنهم في مختلف المحافل الدولية وبكل الوسائل المتاحة امامهم. ولهذا ينبغي استثمار ارتباط الجالية المغربية بوطنها من اجل تحويل هذا الرابط الإنساني و الوجداني الى إمكانيات للتنمية الاقتصادية و استفادة الجالية المغربية من فرص الاستثمار المتاحة ببلادنا و هو ما سيعود بالنفع على كل مكونات المجتمع المغربي.
ودعا جلالة الملك في خطابه الى احداث الية لمواكبة الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج، ودعم مبادراتها ومشاريعها تشكل إمكانية للتواصل المستمر، والتعريف بمؤهلات الوطن، خصوصا دينامية التنمية والاستثمار.
استطاع الخطاب الملكي الليلة ان يظهر إمكانيات المغرب للانفتاح على مختلف دول العالم من اجل التعاون والشراكة، وقبل ثلاثة أسابيع وجه خطاب عيد العرش رسالة للأشقاء في الجزائر من اجل طي صفحة الماضي لما فيه صالح الشعبين. في انتظار اقتناع النظام الجزائري بالتحولات التي يشهدها العالم والتحديات التي تواجه المنطقة، تبقى دعوات المغرب متجددة وصادقة من اجل حسن الجوار والتعاون المربح لكل الاطراف.