مقالات واراء

ساعات طويلة وأجور زهيدة: حراس الأمن الخاص يلوحون بالقضاء بحثا عن الإنصاف

مكتب أكادير / هشام الزيات

في زاوية صامتة من المشهد المهني المغربي، يواصل حراس الأمن الخاص معركتهم اليومية ضد ساعات العمل المرهقة، والأجور الهزيلة، وغياب الحقوق الأساسية، في ظل تغافل مستمر من قبل الجهات الوصية، وبعد سنوات من المطالبات والتظاهرات، يبدو أن الصبر قد نفد، حيث لوحت الجمعيات والنقابات الممثلة لهم بخيار اللجوء إلى القضاء كخطوة أخيرة طلبا للإنصاف .

ففي خطوة احتجاجية جديدة، وجهت الجمعية الوطنية لحارسات وحراس الأمن الخاص بالمغرب والنقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ، عريضة إلى رئاسة الحكومة، تطالب فيها بتدخل عاجل ينقذ آلاف العاملين في هذا القطاع من واقع “الاستغلال المقنن”، العريضة، التي وصلت أيضا إلى وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، ومجلس النواب، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وغيرها من المؤسسات، رسمت صورة قاتمة عن واقع لا يليق بكرامة الإنسان ولا يتماشى مع مقتضيات مدونة الشغل المغربية .

وأبرز ما جاء في العريضة هو التذكير بالخروقات المستمرة للمادة 184 من مدونة الشغل، التي تنص بوضوح على أن عدد ساعات العمل اليومية يجب ألا يتجاوز 8 ساعات، في حين تفرض معظم الشركات الخاصة على الحراس العمل 12 ساعة متواصلة يوميا، دون تعويض مالي أو اعتراف بالساعات الإضافية، وهو ما وصفته النقابات بـ”خرق ممنهج للقانون تحت مرأى ومسمع الجميع” .

ورغم تنظيم مئات الوقفات الاحتجاجية في مختلف المدن، ورفع العشرات من الشكاوى والمطالب، لم يشهد القطاع سوى المزيد من التهميش،ويعد الحارس الخاص عنصرا أساسيا في أمن المؤسسات والمرافق العمومية والخاصة، يجبر على العمل في ظروف قاسية مقابل أجر شهري لا يتعدى غالبا الحد الأدنى للأجور، بل ودون استفادة فعلية من التغطية الصحية أو الضمان الإجتماعي في حالات كثيرة .

لم يتبق أمام حراس الأمن الخاص سوى اللجوء إلى القضاء، بعدما سدت في وجوههم كل السبل الأخرى، فقد أكدت الجمعيات الموقعة على العريضة أنها تفكر جديا في اتخاذ مسار قانوني جماعي ضد بعض الشركات، وضد الجهات التي لم تقم بواجبها في المراقبة وتطبيق القانون .

كما طالبت بفتح تحقيق وطني شامل حول أوضاع العاملين في القطاع، وتقييم المنظومة القانونية المؤطرة له، وإصدار مذكرة وزارية تلزم الشركات بتحديد ساعات العمل القانونية، وتعزيز آليات التفتيش والمراقبة، تمهيدا لإخراج قانون خاص ينظم قطاع الحراسة الخاصة، ويحمي حقوق العاملين فيه .

رغم هشاشته، يظل قطاع الحراسة الخاصة واحدا من أكثر القطاعات استقطابا لليد العاملة، خاصة في ظل أزمة البطالة التي تضرب الشباب المغربي، ومع غياب بدائل حقيقية، يضطر الكثيرون لقبول العمل في ظروف غير قانونية، حفاظا على “لقمة العيش”، لكن استمرار الوضع بهذا الشكل لا يمكن أن يدوم طويلا، كما تشير لغة الغضب والمرارة المتزايدة في صفوف الحراس .

فهل تتدخل الحكومة لإنقاذ هذا القطاع من الفوضى والتهميش؟ أم أن القضاء سيكون وحده القادر على إعادة الإعتبار لهذه الفئة المنسية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock