مقالات واراء

بعض الآباء يدمرون أبناءهم قبل أي شيء…

عبد اللطيف شعباني

حين تقرأ عنوان الكتاب ” أبي الذي أكره ” الذي ألفه الكاتب والطبيب ” عماد رشاد عثمان ” تتوقع أنها دراسة حول علاقة الأب بالابن أو الابنة، مع تشخيص لبعض حالات الاضطراب، مع ضرب نماذج من الأدب على غرار علاقته بالأبوة، أو تظن أنك ستجد نماذج حياتية لعدة تجارب وأشخاص، لكنك ستجد سرد لعدة إضطرابات يمر بها الطفل الذي ينشأ في جو عائلي غير سليم، وهذا الكتاب هو أحد أهم مؤلفات عماد رشاد عثمان
هذا الكتاب لن يصلح كل ما تعرضنا له في الماضي، و لكنه مكتوب تحديداً لنا ، للمستقبل . لنكون النسخة التي كنا بحاجة لها عندما كنا أطفالا ، و لكن لنصبحها لأطفالنا .

هذا الكتاب ليس للعودة بالزمن و تصحيح المسار ولكنه خطوة للمستقبل كي لا نكون نسخة مكرره مما نكره . بل لنكون نسخة أفضل . فالتربية مسؤولية شاقة و كبيرة و لهذا يجب دوماً قبل الأنجاب أن نسأل أنفسنا ما سنترك في نفوس أبناءنا لو أنجبناهم ؟ ، ربما الإجابة علي سؤال مثل هذا تحدد قرارنا بالأنجاب من عدمه .

عنوان الكتاب حاد جداً و كذلك المحتوي رغم السلاسة في أسلوب الكاتب ، و لكنها الذكريات التي تنبش فيك و أنت تقرأ هذا الكتاب . تلك الذكريات المؤلمة سوف تجعلك تشعر بحده الكتاب و شعور بالضيق و الاضطراب . ولهذا بخاصة أصحاب التجارب الصادمة و القاسية مع الآباء عليهم الحرص عند قراءة الكتاب .

كما لا يعرض هذا الكتاب فقط تلك التجارب السيئة المقصودة ، و لا يصور الآباء كوحوش، فكلنا أبناء و سنكون أو أصبحنا أباء بالفعل . ولكنه يعرض أيضاً تلك الإساءات التي أصبحت عادة و غير مقصودة ، لدينا نحن مجتمع الكبار ، ولكن تلك الصغائر هي الحرائق التي تشتعل بنفوس أبناءنا و تخرجهم للعالم مشوهين بأمراض نفسية و اضطرابات حادة .

ولكن في النهاية علينا جميعاً أن نتعافى لنصبح آباء و أمهات ولكن بنسخة أفضل مما كنا نتمنى لأنفسنا .
الطبيب والكاتب المصري «عماد رشاد عثمان» لكتابه الذي يناقش فيه الإساءات والأخطاء التي يرتكبها الأباء بقصد أو دون قصد ويترتب عليهم نتائج كارثية تتسبب في آذى لا يمكن وصفه؛ فتجعل من أبنائهم أشباحًا في صورة بشر، ربما لا ترى عيونهم الدامعة، ولكن تأكد أن نفوسهم تئن تحت سطوة الذكريات التي تستل سيوفها فتُقَطِع أوصال الراحة والأمان، وتُمزق الحب وتعبث مع أي محاولة لممارسته…

يقول الكاتب «عماد رشاد عثمان» في بداية كتابه:
«إنما نتحدث عن المرض الذي قد يصيب الأب فيصنع منه وحشًا كاسرًا، أو الأم فيصنع منها تجسيدًا للأذى؛ نتحدث عن أولئك الذين لم يستطيعوا أن يقدموا أبسط الاحتياجات؛ المحبة!»
كما يوجه الكاتب رسالته لكل من صنع زنزانة لأحبائه، سواء كان أبا أو أما ، بل وحتى رموزا مجتمعية كمعلمين وشيوخ …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock